تعلقت هذه الآية بأحداث غزوة أحد تعلقاً ظاهراً، إذ إن الجهاد في سبيل الله عز وجل لا يقوم إلا على النفقة في سبيله سبحانه، والمنافقون دائماً يبخلون بما آتاهم الله من فضله، فكان الوعيد الشديد لمن يبخل بما أوجب الله عز وجل عليه، وفيها إنكار ظن البخلاء أن ما آتاهم الله هو خير لهم، فأنكر الله عليهم كما أنكر حسبان الذين كفروا أنما يملي لهم خير لأنفسهم.
وكذلك ما يعطي للكفرة والمنافقين من أموال ومن زينة في الحياة الدنيا فذلك ليس خيراً لهم: كما قال تعالى: ((وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ)) فأطلق الشر؛ ليعم الدنيا والآخرة، وذلك كما قال عز وجل في بيان شره عليهم في الدنيا:{فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ}[التوبة:٥٥]، وكم من أناس كان المال والملك والسلطان سبباً للشقاء الدنيوي والعذاب فيها، فضلاً عما ينتظرهم في برزخهم، وعما أعد الله لهم يوم القيامة، فقد يكون جمع المال ورصده وحسابه عذاباً، وقد تكون نفقته ونقصانه والخوف كذلك، وهذا -والله- أمر مطرد، فكلما كسب الإنسان مالاً من حرام شقي به أعظم شقاء، وتعس به أعظم تعاسة، مع أنه يزداد حرصاً عليه كالذي يشرب من ماء البحر ويزداد عطشاً وشرباً وألماً، ويضطرب نظام جسمه بالكلية بسبب شربه لهذا الماء المالح، وكذلك المال إذا أخذه الإنسان من حرام وصرفه في الحرام.