وثبت من حديث أبي بن كعب في صحيح مسلم:(أن النبي صلى الله عليه وسلم: أمرهم أن يقوموا ليلة السابع والعشرين، وأخبرهم أن الشمس تخرج في صبيحتها بيضاء نقية لا شعاع لها).
والذي يظهر من مجموع الأدلة أن ليلة القدر تنتقل في ليالي العشر الأواخر من رمضان، فإذا كانت الليالي ليالي الأوتار فهي أرجى، وإن كانت الليالي ليالي الشفع فهي كذلك ترجى، وذلك أن ليلة الرابع والعشرين هي أول السبع الأواخر؛ فإن ليالي الشفع هي تاسعة تبقى، وخامسة تبقى، وسابعة تبقى، وخامسة تبقى، وثالثة تبقى، أي: من آخر الشهر، فهي أوتار من آخر الشهر، وكل قد رغب فيه، فينبغي أن لا تفرط في هذه الليالي، فكلها ليال فاضلة، وليلة القدر في وسطها كالشمس في وسط النجوم، فاحرص أن لا تضيع منك لحظاتها، فإن الدقيقة الواحدة بشهور طويلة، وأنت مهما قضيت في العبادة لا تقضي أياماً متواصلة، حتى تصل إلى الشهور والسنين؛ فإنما تقوم ساعات معدودة ولابد لك بعد ذلك من راحة، ولابد لك من طعام وشراب، ولابد لك من دخول الخلاء، فلابد أن تقضي أوقاتاً لا تستطيع أن تواصل العبادة فيها، وأنت في الدقيقة الواحدة من ليلة القدر تحصل على عبادة أشهر طويلة، فكيف يليق بك أن تضيع هذا الفضل العظيم؟ فالدقيقة في هذه الليلة المباركة لها قيمة فكيف بالساعة؟ الساعة بعدة سنوات، فمن يضيع ليلة القدر محروم كما قال النبي عليه الصلاة والسلام عن رمضان:(فيه ليلة خير من ألف شهر، من حرم خيرها فقد حرم).