هناك سنة عامة سنة ماضية في كل زمان ومكان لا تجد لها تحويلاً، سنة الله التي تمضي في خلقه، من يقرأ التاريخ والقصص ويعتبر، يجدها سنة ماضية لا تتخلف أبداً قال تعالى:{قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ * هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ * وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ * وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ}[آل عمران:١٣٧ - ١٤١].
جعل الله عز وجل في كتابه النور والهدى، وجعل في قصص أنبيائه ما يرشد المؤمنين إلى طريق الحق، وما يجب عليهم فعله في كل وقت وفي كل مرحلة من مراحل حياتهم ودعوتهم، فطالما ساروا على طريق الأنبياء فلا بد وأن تسير دعوتهم بنفس المراحل، ولابد أن تواجه نفس المواجهات؛ فإن الصراع بين الحق والباطل قديم قدم الإنسان على ظهر الأرض، بل منذ كفر إبليس حقداً وحسداً لآدم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، وحين أبى واستكبر وكان من الكافرين، وبدأ يكيد للأبوين ولجنس الإنسان كراهية وبغضاً وحقداً وضغينة، وورثها لمن تبعه من ذرية آدم، فضلاً عن ذريته التي تكون على طريقته وشاكلته -والعياذ بالله- نستلهم ذلك من القرآن العظيم، ومن نوره الذي جعله الله عز وجل يهدي به من يشاء، كما قال:{وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الأُمُورُ}[الشورى:٥٢ - ٥٣].
لكي نبصر أين نضع أقدامنا، وماذا نصنع فيما يواجهنا، فإنا إذا حكمنا غير كتاب الله في هذا الموضع، سواء حكمنا العقول بغير نور، أو حكمنا العواطف بغير ضوابط، أو حكمنا آراء الرجال ومقاييسهم؛ فإننا سوف نضيع حتماً، إذ ليس لنا في الأرض من ولي ولا نصير إلا الله سبحانه وتعالى.
فوالله لولا الله ما اهتدينا ولا صمنا ولا صلينا إن الله سبحانه وتعالى جعل في قصص أنبيائه ورسله ما يرشد عباده المؤمنين إلى ما يلزمهم العمل به عندما تشتد عليهم الأمور، وقد ذكر الله عز وجل في ذلك قصصاً مجملة ذكرها في سورة إبراهيم صلى الله عليه وسلم لا تتغير فيها طبيعة المواجهة بين الحق والباطل، سنة واحدة وطريقة ماضية، فنتلمس من آيات الله سبحانه وتعالى، ما يلزمنا أن نعمله عندما تشتد الأمور.