[الواجب على المسلمين في زمن الأحداث]
قال تعالى: {وَكَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحَابُ النَّارِ} [غافر:٦] فلنتعظ من ذلك، والمسلمون اليوم يواجهون حصاراً معنوياً وعسكرياً، ويواجهون عدواً كثيفاً متألباً متحزباً في كل مكان ليس فقط في الشيشان أو في فلسطين أو في كشمير، بل في مشارق الأرض ومغاربها، وهي عداوة شديدة لأهل الإسلام.
بل إنَّ تحزب الأحزاب في زماننا ربما لم يسبق له مثيل في زمن العولمة الذي صار فيه العالم كقرية صغيرة، ربما لم يسبقه ذلك التحزب في الاجتماع والتخطيط اليهودي الماكر في المشارق والمغارب، والتعاون الوثيق على الإثم والعدوان، ذلك كله قبل نقطة التحول وقبل نقطة التغيير بإذن الله إلى ما فيه مصلحة المسلمين، وإذا كان من كانوا مع النبي عليه الصلاة والسلام قد صاروا إلى العشر فما ظنك بمن هم دون ذلك وليس مجتمعهم كذاك المجتمع النقي الذي كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم.
فالثبات الثبات عباد الله، فهو عز وجل الذي يثبت القلوب والأقدام، وإنما يلجأ إليه عز وجل في الشدائد، وقد كان خير الخلق عليه الصلاة والسلام يقول في دعائه: (يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك) ويقول: (يا مصرف القلوب صرف قلبي على طاعتك).
فهو عز وجل الذي يثبت الأقدام ويثبت القلوب على الصراط المستقيم، كما يثبت على الصراط يوم القيامة أقدام المؤمنين ويجعلهم في زمرة الناجين بفضله ورحمته سبحانه وتعالى.
وأما من غرته الحياة الدنيا بأن اشتغل فيها وغرق في فتنها ومشاغلها التي لا تنتهي وظل يسوف كل يوم فليعلم أن المشاغل لا تنتهي، ولا يخرج العبد منها إلا بأن يصير القلب أبيض مثل الصفا مستنيراً قوياً ثابتاً، لا تضره فتنة مادامت السماوات والأرض، وأما من يسوف الالتزام ومن يسوف العمل ومن يسوف العلم ويقول: غداً أفعل حين تنتهي مشاغلي، ويسوف الدارس إلى حين الفراغ من دراسته، والراغب في الزواج إلى حين الفراغ منه، ومن ليس عنده أولاد إلى أن يكون عنده أولاد، ومن عنده أولاد إلى حين تربية الأولاد، ومن كان عنده أولاد إلى رؤية أولاد الأولاد، فإن المشاغل لن تنتهي.
وهذه طبيعة الدنيا، فمشاغلها لا تتوقف، فلا بد من المبادرة والمسابقة في كل لحظة من اللحظات، فبادر قبل أن يفوت الأوان، ففي الحديث: (بادروا بالأعمال فتناً كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً، ويمسي مؤمناً ويصبح كافراً، يبيع دينه بعرض من الدنيا قليل) هكذا أخبر نبيكم صلى الله عليه وسلم، فنعوذ بالله أن نبيع ديننا بعرض من الدنيا! اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر اليهود والنصارى والمنافقين وسائر الكفرة والملحدين.
اللهم من أراد الإسلام والمسلمين بسوء فاجعل كيده في نحره، واجعل تدميره في تدبيره، واجعل الدائرة عليه يا رب العالمين.
ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين.
ربنا أفرغ علينا صبراً وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين، ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين.
اللهم انصر المسلمين في كل مكان، اللهم انصر المسلمين في الشيشان وثبت أقدامهم، اللهم سدد رميهم، اللهم انصرهم على عدوك وعدوهم.
اللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك، ويذل فيه أهل معصيتك، ويؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر.
اللهم اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا، وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.