[عدم عصمة الصحابة عن الخطأ]
عندما يفكر الإنسان في الوقائع الإسلامية الكبرى والتي ذكرت في القرآن يجد أنها دائماً تحتوي على الإصلاح.
وأحياناً: كأن النفس تقول: يعني هو كلام على كبار الصحابة لماذا هم هكذا؟ نحن لا نريد أن نتصور صورة مثالية غير واقعية لا تكون في واقع الحياة، وأن هؤلاء الناس ما كان عندهم أخطاء أبداً، وإلا فمن السهل جداً أن يحصل انتصار، ونحن لا نشبههم، ونحن غيرهم تماماً، وحينها نظن أن هؤلاء ليس لهم مثيل، وهؤلاء أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذن لا أحد مثلهم.
وكان الهدف من جود هذه الأمور: أن تبين لك كيف تعالج نفسك إذا حصل خطأ، وإذا كان الخطأ قد وقع من هؤلاء فلا بد أن يعالج الإنسان مثل هذا الأمر، وهذا الأمر يحصل عند الشدائد.
هناك نوعيتين، أو مرضين خطيرين في مثل هذه الأمور: أن البعض يجعلها سبباً للطعن في عثمان رضي الله عنه، ولا يزال إلى زمننا هذا يتعرض للطعن رضي الله تعالى عنه، مع أن فضائله رفعته إلى أعلى المنازل كما ذكرنا، وهو بعد أبي بكر وعمر بعد النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن لا يظن أنهم معصومون حتى لا نفوت على أنفسنا المصلحة العظيمة بعلاج الأمراض التي تقع في القلوب، وهي التي في واقع الحياة كما عالجها القرآن، وكما شفاهم الله عز وجل بالشفاء لما في الصدور بهذه الآيات العظيمة.
قال ابن كثير رحمه الله: [قال السدي: لما شد المشركون على المسلمين بأحد فهزموهم دخل بعضهم المدينة وانطلق بعضهم إلى الجبل فوق الصخرة فقاموا عليها].
وتفاوتوا في شدة الفرار: منهم من فر إلى المدينة -مسافة طويلة- ومنهم من فر إلى أعلى الجبل؛ يقف ينظر ما الذي يحصل في المعركة-.
قال: [فجعل الرسول صلى الله عليه وسلم يدعو الناس: (إلي عباد الله!.
إلي عباد الله!) فذكر الله صعودهم إلى الجبل، ثم ذكر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم إياهم فقال: ((إِذْ تُصْعِدُونَ وَلا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ)) وكذا قال ابن عباس وقتادة والربيع وابن زيد وقال عبد الله بن الزبعري -يذكر هزيمة المسلمين يوم أحد في قصيدته وهو مشرك بعد لم يسلم التي يقول في أولها-: يا غراب البين! أسمعت فقل إنما تنطق شيئاً قد فعل إن للخير وللشر مدى وكلا ذلك وجه وقبل].
فهذا المشرك يقول: إن للخير وللشر مدى، يعني: يريد أن يقول: شر المسلمين يأتي له آخر، وقد انتهى، وكان آخره هزيمة أحد، وهي كانت آخر الشر إلى أن هداه الله بعد ذلك.
قال ابن كثير: [إلى أن قال: ليت أشياخي ببدر شهدوا جزع الخزرج من وقع الأسل].
يقول: يا ليت الذين قتلوا في بدر يرون جزع الخزرج من وقع السيوف عليهم، طبعاً الذي قتل المشركين في غزوة بدر أكثرهم من الأنصار، فقد كان أكثر الجيش المسلم من الأنصار، قال: [حين حكت بقباء بركها واستحر القتل في عبد الأشل ثم خفوا عند ذاكم رقصاً رقص الحفان يعلو في الجبل].
وهذا الشاهد منها، خفوا عند ذاكم، يعني: صعدوا يسعون.
رقصاً: يشبههم في شدة جريهم بالذي يرقص.
رقص الحفان يعلو في الجبل.
[فقتلنا الضعف من أشرافهم وعدلنا ميل بدر فاعتدل.
والحفان: صغار النعم.
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم قد أفرد في اثني عشر رجلاً من أصحابه.