الحمد لله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، أما بعد:(فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يأتيه جبريل فيدارسه القرآن، فلرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة) صلى الله عليه وسلم، وكان جوده عليه الصلاة والسلام على خلق الله مريداً بهم الخير، وهو صلى الله عليه وسلم الرحمة المهداة، قال الله عز وجل:{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}[الأنبياء:١٠٧].
وإذا كان مجرد الملاحاة والمجادلة بين اثنين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أمراً رفع علم ليلة القدر في تلك السنة بسببه! فكيف إذا ساءت العلاقات بين المسلمين إلى ما هو أشد من ذلك؟ فكيف بانتهاك حرماتهم أو سفك دمائهم؟ فيجب أن نعلم أن الجود على المسلمين ومراعاة حقوقهم من أعظم أسباب الخير، ومن آثار القرب من كتاب الله سبحانه وتعالى، فكلما اقتربت من القرآن كلما ازددت تعظيماً وإكراماً لحقوق المسلمين، اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك، وذلك أن القرآن يغني القلب، والله سبحانه وتعالى إذا أغنى قلب العبد فاض هذا القلب خيراً وصلاحاً عاماً وخاصاً، وفاض ما يتبعه من البدن الذي هو تابع يصلح بصلاحه ويفسد بفساده، يفيض منه على من حوله جوداً وعطاءً.
إن تعظيم حرمات المسلمين من أعظم الأمور أهمية في هذه الأوقات، ونرى أن انتهاك حرماتهم، وسفك دمائهم من أعظم الأمور خطراً على المسلمين، ولذلك لا يجوز أن يرضى مسلم أبداً بسفك دماء المسلمين، ويغتاظ من سفك الكفار لدماء المسلمين، وكذلك يغيظه ويتألم قلبه إذا فعل ذلك بغير حق من ينتسب إلى الإسلام، وإن كان ذلك لا يصح ولا يجوز أن ينسب إلى الإسلام، أو العمل الإسلامي خاصةً في هذا الشهر الكريم، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:(لا يزال المرء في فسحة من دينه ما لم يصب دماً حراماً)، هذا في سائر الأحوال، فكيف بفعله في رمضان؟! وكثير من الناس يستهين بهذا الأمر ولا يعبأ به، ولا يحرك له ساكناً، مع أنه أمر عظيم الخطب، لا يصح أن ينسب إلى العمل الإسلامي بوجه من الوجوه، وإنما ينشر الغرب وعملاؤهم أن المسلمين هم الذين يفعلون ذلك، ومعلوم أنه لا يرضى مسلم بسفك دم أخيه في شهر من الشهور، فضلاً عن هذا الشهر، فضلاً أن يكون ترويعاً للمسلمين في بلادهم التي نسأل الله عز وجل أن يجعلها آمنة مطمئنة رخاء وكل بلاد المسلمين.