إذا تحقق العبد بالعقيدة في قلبه كما ينطق بها لسانه، وتضرع إلى الله عز وجل بصوت ضعيف منكسر لا يجبره إلا الله وحده لا شريك له، وعلم أن الله سبحانه هو الجبار الذي لا يجبر الكسير سواه، والجبار الذي جبر القلوب شقيها وسعيدها، وانكسر للجبار سبحانه ولم يتجبر، وعلم أن عاقبة كل جبار هي الخيبة ولابد، كما قال تعالى:((وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ))، فإذا وجد الله تعالى من عبده المؤمن ذلك فإنه سبحانه وتعالى يسخر ملائكته لتشفع له وتدعوا له، فتقول: صوت ضعيف من بلاد غريبة، فلا يزال يرفع منه إلى الله عز وجل عمل صالح ودعوة متقبلة، فتشفع له الملائكة عند الله سبحانه، وهو الذي يسخرها، فيستجيب الله عز وجل دعوة عبده، ويفرج كربه، كما قال سبحانه وتعالى عن يونس وهو في بطن الحوت:{وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ}[الأنبياء:٨٧ - ٨٨]، فليست هذه الإجابة خاصة بيونس صلى الله عليه وعلى نبينا وسلم، وليست خاصة بالأنبياء، بل لكل مؤمن تحقق بهذه الحقائق، وعلم هذا العلم وأيقن هذا اليقين.
فالله عز وجل يستجيب لكل مؤمن في أي موضع كرب، ودعوة ذي النون لا يقولها مكروب إلا فرج الله عز وجل كربه، فلنقولها جميعاً: لا إله إلا أنت سبحانك إنا كنا من الظالمين.