للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الإيمان بين الدعوى والحقيقة]

كثير من الناس يستهين بالصلاة فلا يصليها في وقتها، ويظن ذلك غير قادح في إيمانه.

ولا شك أن الإيمان بالله يقتضي طاعته، وطاعة الله عز وجل وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم جزء من الإيمان به سبحانه، فالإيمان قول وعمل، فحين يقول المؤمن: (اللهم لك أسلمت، وبك آمنت) فلا بد من أن يعلم أنه قد دخل في ذلك ما ذكرنا، وهو يجدد إيمانه، ويزيل ما علق به من صدأ ونقص، والمؤمن يصدأ إيمانه وقلبه، ويحتاج إلى جلاء، ومن أعظم ما يجليه ذكر الله بالقلب واللسان، قال عز وجل: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} [الأنفال:٢ - ٤].

فدل ذلك على أن من الإيمان ما هو إيمان حقاً، ومنه ما هو دعوى غير صحيحة لا يكون صاحبها مؤمناً إيماناً حقاً، وإنما هو مقصر أصلاً، فدل على أنه لا يكون مؤمناً إلا من جمع هذه الخصال.

ومنها أنه إذا ذكر الله وجل قلبه، واضطرب خوفاً من الله وشوقاً إليه وحباً وتعظيماً له سبحانه وتعالى، قال تعالى: {الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا} [الأنفال:٢] فهم يزدادون تصديقاً، وتدبراً وتفكراً، ومعرفة بالله عز وجل وبأسمائه وصفاته، وحباً لله الذي أنزل هذه الآيات، وخوفاً منه عز وجل الذي يحذرهم عقوبته، ويرغبهم في جنته وثوابه والقرب منه، فيخافون فوق ذلك، ويخشون سوء الحساب، فالقرآن يذكرهم وآيات الله توقظهم، فهم يزدادون به إيماناً كلما تليت عليهم آيات القرآن، وتنفعهم الذكرى كلما ذكروا، قال تعالى: {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ} [الذاريات:٥٥]، وهكذا.