[العاقبة الأخيرة في صراع الحق والباطل وشرط استحقاقها]
قال عز وجل:((فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ)) وهذا قسم من الله عز وجل، فلام التوكيد ونون التوكيد الثقيلة تدلان على وجود القسم، أقسم الله عز وجل أن يهلك الظالمين، وهو -والله- لابد من أن يقع.
قال تعالى:{فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ * وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ}[إبراهيم:١٣ - ١٤]، فالأرض له سبحانه وتعالى، وقد وعد بأن يرثها عباده المؤمنون، كما قال عز وجل:{وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ * إِنَّ فِي هَذَا لَبَلاغًا لِقَوْمٍ عَابِدِينَ * وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}[الأنبياء:١٠٥ - ١٠٧].
وقال سبحانه وتعالى:{وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ * وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ}[الصافات:١٧١ - ١٧٣]، ولكن لمن يكون ذلك؟ {ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي}[إبراهيم:١٤]، فلابد من أن نخاف الله عز وجل وحده، وخوف مقام الله سبحانه وتعالى فسر بمعنيين: الأول: خوف مقام الرب بالاطلاع على عبده ثم بالحساب يوم القيامة، فالله سبحانه وتعالى قائم على كل نفس بما كسبت، ويحاسبهم على ذلك، فإذا خاف العبد مقام الله عز وجل بالاطلاع عليه والمراقبة والمحاسبة استقام وعمل بطاعته.
والثاني:((ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي)) أي: مقام العبد بين يدي ربه يوم القيامة.
والتفسيران متلازمان؛ فإن الاطلاع والمراقبة والمحاسبة تقتضي أن يقف بين يدي الله عز وجل، وهذا هو الذي ينبغي أن نخاف منه.
وكلا الخوفين واجب، خوف مقام الله وهيبته ورهبته، وخوف وعيده وعقابه وعذابه، ولسنا نقول كما يقول الزنادقة: اللهم إن كنت أعبدك خوفاً من النار فأدخلني فيها.
نعوذ بالله، ولكننا نخاف وعيد الله، ولذلك نعمل ليوم لقاء الله سبحانه وتعالى، ونسأل الله أن يرزقنا الخوف منه وحده لا شريك له.