للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وجوب موالاة حزب الله ومعاداة حزب الشيطان]

الحمد لله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم.

أما بعد: قال عز وجل: {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ * إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا} [المائدة:٥٤ - ٥٥]، (إنما) أسلوب قصر وحصر للولاية، فلا يجوز نصرة وطاعة ومتابعة الكفار، ولا التحالف والتعاضد والتعاون إلا مع من وصفهم الله عز وجل؛ لأن أغراض هؤلاء معلومة وهي طلب الجنة، وأغراض من خالفهم معلومة {أُوْلَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ} [البقرة:٢٢١]، قال: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا} [المائدة:٥٥]، فالله عز وجل إرادته الشرعية بينة في إعلاء كلمته سبحانه، وكذا يكون الأمر كوناً، فكلمة الله هي العليا في عاقبة الأمر، فلا بد أن يظهر الدين، ويعلو الإسلام، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (بعثت بالسيف بين يدي الساعة حتى يعبد الله وحده لا شريك له، وجعل رزقي تحت ظل رمحي، وجعل الذلة والصغار على من خالف أمري، ومن تشبه بقوم فهو منهم)، فيحصل الذل بمخالفة سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمره (وجعل الذلة والصغار على من خالف أمري)، فيفهم من ذلك: أن العز يحصل لمن أطاعه وآمن به واتبعه، قال عز وجل: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ} [المنافقون:٨]، وقال عز وجل: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُوْلَئِكَ هُوَ يَبُورُ} [فاطر:١٠]، فلا بد أن يبور مكرهم ويضل سعيهم {وَمَا كَيْدُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ} [غافر:٢٥]، ولا بد أن يخطئوا الهدف، وألا يحققوا مقصدهم؛ لأنهم يريدون مقصداً مستحيل التحقيق {يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ} [التوبة:٣٢]، فهل تطفأ الشمس بأفواه النافخين؟ كلا، فنور الله عز وجل أعظم من نور الشمس، وحاجة الناس إلى دين الله أعظم من حاجتهم إلى الشمس بل وأعظم من حاجتهم إلى الهواء والماء؛ فلذا يستحيل أن يطفئ هذا النور؛ لأن الله هو الرحمن الرحيم {وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ} [الشعراء:٩]، فرحمته بعباده تقتضي ألا يضيع الحق من الأرض بالكلية، وعزته تقتضي ألا يترك الجبارين المتكبرين الطغاة بل ينتقم منهم ويقصمهم ويريهم من المؤمنين ما كانوا يحذرون بعزته وقدرته وعظمته ووحدانيته، فهو الملك الحق المقتدر الذي لا قوة إلا به القوي العزيز سبحانه وتعالى {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ} [المائدة:٥٥]، فهذه صفات بينة واضحة لا تحتمل لبساً لمن يتحالف ويتعاون ويتعاضد ويوالي أهل الإيمان، فلا بد على أهل الإيمان أن يتصفوا بهذه الصفات، كما قال عز وجل: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [التوبة:٧١].

فهل بعد بيان هذه الصفات من شك في أعضاء هذا الحزب الغالب لا يوجد شبهة التباس في ذلك، فلا بد أن يتولى المؤمن من يؤمنون بالله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم، ويحققون التوحيد والإيمان، ويدعون إلى الله عز وجل، ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، لا الذين يأمرون بالمنكر، وينهون عن المعروف، ويقبضون أيديهم {نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [التوبة:٦٧]، فلا بد أن يكون المؤمن الذي تواليه عابداً لله، مؤدياً حق الله فيما بينه وبينه بإقامة الصلاة، وفيما بينه وبين الناس بإيتاء الزكاة، وفي الجملة التزامه بالطاعة {وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [التوبة:٧١] أي: التزام بالكتاب والتزام بالسنة {أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ} [التوبة:٧١] أي: في الدنيا والآخرة، كما وعدهم الله بالنصر في الدنيا والآخرة {إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ * يَوْمَ لا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ} [غافر:٥١ - ٥٢].

قال سبحانه وتعالى: {وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ} [المائدة:٥٦].

نسأل الله عز وجل أن يجعلنا من حزبه الغالبين، وأن يعلي بفضله كلمة الحق والدين، وأن ينصر المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، وأن يحفظهم في كل مكان.

اللهم انصر المجاهدين في سبيلك في كل مكان، اللهم نج المستضعفين من المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، اللهم انصر المسلمين في فلسطين والشيشان وأفغانستان، اللهم انصر المسلمين في كل مكان.

اللهم عليك باليهود والنصارى والمنافقين، وسائر الكفرة والملحدين، اللهم أنزل بهم بأسك الذي لا يرد عن القوم المجرمين، اللهم كف بأسهم عن المسلمين فأنت أشد بأساً وأشد تنكيلا، اللهم لا تجعل لهم على أحد من المسلمين سبيلاً.

اللهم فرج كرب المكروبين، وفك أسر المأسورين، وارفع الظلم عن المظلومين! (رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الأعراف:٢٣]!