للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[صورة جهاد الدفع، وإمكانية كل مسلم المشاركة فيه]

جهاد الدفع هو: الذي افترضه الله عز وجل على أهل كل بلد نزل بها العدو، وعلى من على مسافة القصر منهم، ومن زاد على مسافة القصر ففرض كفاية عليه، بقدر حاجة أهل البلد المحتل، فهؤلاء فرض عليهم أن يعينوهم، وأن يدفعوا عنهم ما استطاعوا، وأن يعينوهم بما يحتاجونه في دفع أعدائهم، وليس بفرض عين على كل المسلمين طالما كان بأهل البلد التي نزل بها العدو كفاية في دفعه، والله تعالى أعلى وأعلم، ومن لم يحضر في ذلك لكونه ليس فرض عين عليه، أو لكونه عاجزاً عن الوصول وإغاثة المسلمين، فلا يخلو حاله من دعاء لهم، وتألم لآلامهم، وفرح لانتصارهم، فإن ذلك من حقيقة الولاء والبراء على دين الله عز وجل، ومن حقيقة الحب في الله والبغض في الله، وهو -والله- من أوثق عرى الإيمان.

فإذا لم يكن جهاد الدفع واجباً عليك، ولم تستطع أن تعين إخوانك بأي سبب من الأسباب فلا يخلو منك الحال من دعوة صادقة، وشعور قلبي بآلام المسلمين، وبيان لحقيقة قضيتهم، واستحقاقهم لدفع عدوهم، ومناصرة لهم بالقلب، وفي الحديث: (وهل تنصرون إلا بضعفائكم، بدعائهم وصلاتهم؟) فالله سبحانه وتعالى يدفع بالدعاء ما لا يدفع بالسيوف ولا بالقوة المادية، وقد شرع لنا من أسباب نصرة المسلمين ما ربما يكون أقوى من الأسباب المادية كلها، والله المستعان.

ذلك هو ما شرعه الله عز وجل، ولم يشرع سفك دماء المسلمين ظلماً وعدواناً، ولا استهانة بذلك، حتى يتجرأ الإنسان على سفك الدماء بأدنى احتمال، بمجرد أنه يظن أنه يسوغ له ذلك لقتل الكفار، فضلاً: عن أن يكون مبتدعاً ضالاً يكفر المسلمين، ويرى انتهاك حرماتهم ديناً له، والعياذ بالله، هذا أمر لابد أن يحذر المسلمون منه، ولابد أن يكرهوا وجود المنكر قرب منهم أو بعد، وأن يكرهوا وجود سفك الدماء، وانتهاك الحرمات، ويفرحون بظهور الإسلام، ويودون زوال تسلط أعداء الإسلام من الكفرة والمنافقين عن المسلمين وبلادهم، فكلها بلاد لهم بإذن الله تبارك وتعالى، وتعظيم حرمات المسلمين دلالة على كمال الإيمان في القلب وصحته، والاستهانة بذلك دليل على رقته وضعفه، أو زواله؛ لأن المسلم يعرف حرمة المسلمين، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (سباب المسلم فسوق وقتاله كفر)، فنعوذ بالله من سفك دماء المسلمين، وتضييع حرماتهم، ونسأله عز وجل أن يحفظ دماءهم، وأعراضهم، وأموالهم في كل مكان، وأن يرفع تسلط الأعداء عنهم، وأن يحفظهم في هذا الشهر الكريم، وأن يجعل بلادنا وسائر بلاد المسلمين بلاداً آمنة رخاء مطمئنة بفضله سبحانه وتعالى.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، اللهم من أرادنا والإسلام والمسلمين بسوء فاجعل كيده في نحره، واجعل تدميره في تدبيره، واجعل الدائرة عليه يا رب العالمين، ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين، ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا، وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين، اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معصيتك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا، اللهم متعنا بأسماعنا وأبصارنا وقواتنا ما أحييتنا، واجعله الوارث منا، واجعل ثأرنا على من ظلمنا، وانصرنا على من عادنا، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا، ولا تسلط علينا بذنوبنا من لا يرحمنا، اللهم إنا نسألك رضاك والجنة، ونعوذ بك من سخطك والنار، اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا، ربنا أفرغ علينا صبراً وثبت أقدامنا، وانصرنا على القوم الكافرين.