إن التربية الإيمانية الاعتقادية بأنواعها الثلاث من أهم ما يلزم المربي، ومن أهم ما يلزم الأب والأم أن يعلموه لأبنائهم، وإنما يتم ذلك بالأسلوب القرآني والنبوي، وليس بالأسلوب الكلامي ولا بمجرد التلقين، فلا تظن أن الولد لو حفظ العقيدة الطحاوية كفاه ذلك، لا، فهذا ليس هو الأسلوب الذي كان عليه طريقة القرآن وطريقة السنة، وإنما الحفظ شيء تابع، وإلا فإنه رسول الله كان سوف يلقن الصحابة متناً معيناً يحفظونه، وبذلك يكون قد درسهم الاعتقاد.
أنا لا أقول ذلك تزهيداً في حفظ المتون، وإنما لا أُسَرُّ عندما أسمع ابني يكرر العقيدة الطحاوية مع علمي أنه لا يفقه منها شيئاً، فلذلك نقول: ليس هذا هو الكافي، لا تظن أنه بذلك قد صار يفهم التوحيد أو يعلم العقيدة، وكذا من حفظ متن معارج القبول أو درسه جيداً وأتقن كل مسائله، فمسائل الاعتقاد أعمق من ذلك، مسائل الإيمان يتأصل القلب بها، ويصلح بها، وليس مجرد أن يعرف علماً مجرداً، أو كيف يرد على الشبهات.
إن مسائل الاعتقاد لا بد فيها من أمرين اثنين: أن يعرف الإنسان كيف يقول، وكيف يحب وكيف يخاف، وكيف يرجو، وكيف يراقب الرب سبحانه وتعالى، وكيف يحاسب نفسه قبل أن يحاسبه الله عز وجل، وكيف يعرف أسماء الله وصفاته ويتأثر بها ويتعبد لله عز وجل بها، فكما يعرف الشرك ويتركه يعرف التوحيد ويأتيه، ويتعبد لله عز وجل بأنه الرب الإله المعبود الذي له كل معاني الكمال، وله الأسماء الحسنى والصفات العلى سبحانه وتعالى.