قال الله عز وجل:{وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا}[النساء:١٤٠]، فلا يجوز للإنسان أن يحضر مجالس تكذيب القرآن العظيم، أو أن يحضر مجالس يخالف فيها نص الكتاب العزيز، فهنا قال الله تعالى:{وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ}[النساء:١٥٧]، وربما وقع في قلبه تصديق ذلك ثم التأثر به، وقد سمعنا أن بعضهم يبكي عند رؤية هذه المشاهد، وهذا لا يحصل إلا بسبب التصديق.
فالأصل أنك لو رأيت كلاماً تكذبه فإنك تضحك من سخافة عقل قائله، وأما أن تتأثر به فهذا لا يحصل إلا بسبب نوع من التصديق، وكثير من الناس كأن هذا الأمر مصدق عندهم، وأصبح كثير من المسلمين يسألون عن هذا الشيء العجيب فيقولون: هل صُلب المسيح أم لا؟ وهل مات على الصليب أم أنه صلب ولم يمت عليه؟ ونحو ذلك، فهذا شيء عجيب! فقد نص القرآن على هذه المسألة وأصبح كثير من المسلمين يجهلونها، قال الله عز وجل:{وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ}[النساء:١٥٧].
نعم وقع هناك صلب، فقد صلب إنسان آخر غير المسيح عليه السلام، ولاشك أن كل الحواريين -فضلاً عمن أتى بعدهم- لم يشهد أحد منهم تلك الواقعة كما نصت الأناجيل، بل إنهم كلهم أنكروا المسيح وتخلوا عنه وتركوه، ولم يشهد واحد منهم ذلك، وإنما ذكروا ما سمعوه من الناس، واعتقاد أن المسيح قد صلب أو قد مات أو قد قتل لم يكن كفراً إلى أن نزل القرآن، فنزل القرآن وبين أنهم ما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم، وأنه سبحانه قد رفعه إليه، قال سبحانه وتعالى:{بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ}[النساء:١٥٨]، لذلك من اعتقد ذلك فهو مكذب للقرآن العظيم، فيكون مرتداً عن الإسلام والعياذ بالله من ذلك.