وقوله تعالى:((وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا)) فلا يموت أحد إلا بقدر الله، وحتى يستوفي المدة التي ضربها الله له، ولهذا قال:((كِتَابًا مُؤَجَّلًا)) كقوله: {وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ}[فاطر:١١].
وكقوله:{هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ}[الأنعام:٢]، وهذه الآية فيها تشجيع للجبناء وترغيب لهم في القتال؛ فإن الإقدام والإحجام لا ينقص من العمر ولا يزيد فيه، كما روى ابن أبي حاتم عن حبيب بن صهبان قال: قال رجل من المسلمين وهو حجر بن عدي: ما يمنعكم أن تعبروا هذه النطفة إلى العدو -يعني دجلة- يسمى النهر نطفة تصغير لدجلة:((وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا))، ثم أقحم فرسه في دجلة، فلما أقحم أقحم الناس بعده، فلما رآهم العدو قالوا: مجانين فهربوا، إنهم يركبون النهر كالجن، ولا يساعدهم أي شيء فهربوا، سبحان الله! وعبروا دجلة فعلاً -في حروب الفرس- على خيولهم بفضل الله عز وجل، واليقين بالقدر يغير الله به الأسباب المادية.