للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[البشارة بعزة المؤمنين وعذاب المنافقين وضلال سعي المجرمين]

قال الله عز وجل: {بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا * أَلِيمًا الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا} [النساء:١٣٨ - ١٣٩].

وكل هذه مبشرات؛ لأن الله له العزة، وقد جعلها لعباده المؤمنين، قال عز وجل: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ} [المنافقون:٨].

ولذلك فإن الاعتزاز والتعزز إنما يكون بهذا الدين بطاعة الله عز وجل كما قال تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} [فاطر:١٠] فإن كنت تريد العزة فعليك بالكلم الطيب، وعليك بالعمل الصالح، وأما مكر السيئات فقد قال الله تعالى عن أهله: {وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُوْلَئِكَ هُوَ يَبُورُ} [فاطر:١٠]، وكل هذه المبشرات قد تكررت عشرات المرات في كتاب الله عز وجل بأن المكر السيئ لا يحيق إلا بأهله وأنه يبور ويبطل، ويضل سعي أهله ويبطل مكرهم وكيدهم، ويتحلل ويزول، ولا يتحقق غرضهم، كما قال عز وجل: {إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ} [القمر:٤٧] فالله عز وجل جعلهم في ضلال فلا بد من أن يضلوا، ولا بد من أن يشقوا وأن يعذبوا، فقلوبهم فيها من أنواع السعير والنار ما يجعلهم يوم القيامة في النار.

وقال سبحانه وتعالى: {وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} [الإسراء:٨١]، وقال سبحانه: {وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّةَ الأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلًا} [فاطر:٤٣].

ولا بد من أن نوقن بذلك، قال تعالى: {قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينََ * هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ * وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران:١٣٧ - ١٣٩].

وهذه كلها مبشرات عظيمة {إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ َ * وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ} [آل عمران:١٤٠ - ١٤١]، فلا بد من أن يمحق الله الكافرين، وإنما يمحص المؤمنون مدة ثم تكون لهم العاقبة، وهكذا الرسل تبتلى ثم تكون لها العاقبة، كما قال هرقل عندما سأل أبا سفيان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالله أعلى وأجل، وكلمة الله هي العليا.