والشقاء في هذا العالم إنما هو بسبب طاعة من كان للرحمن عصياً، وأعظمهم إبليس، ولهذا قال:{يَا أَبَتِ لا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا}[مريم:٤٤].
فلا تجوز طاعة الأثمة والكفرة، قال عز وجل:{وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا}[الإنسان:٢٤].
وقال سبحانه وتعالى لإبراهيم:((لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ))، فالظالمون ليس لهم إمامة للناس، كما قال عز وجل:{قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ}[البقرة:١٢٤].
فليس الظالمون داخلين فيمن أمرنا باتباعهم وطاعتهم، ولذا ولاية الناس يجب أن تكون فيمن اتقى الله سبحانه وتعالى، ولا يجوز أن يولى على الناس من يأمرهم بعبادة غير الله، وبمخالفة شر عه، فكيف يقال للناس: إنه يلزمكم أن تطيعوا طالما أنكم في سلطان الكفرة الذين ينهونكم عن طاعة الله عز وجل، وهذا هو حقهم عليكم طالما كانوا كفاراً؟! نعوذ بالله من الظلال والطمس على القلوب؛ إذ كيف يكون الباطل سبباً لرد الحق، ولإحقاق الباطل، وكيف يكون الكفر -والعياذ بالله- سبباً لأن يكون الإنسان من حقه أن ينهى غيره عن عبادة الله.
فهل الأرض أرض الكفرة والظلمة والمجرمين أم هي أرض الله، والعباد عباده؟ فلا بد أن يطيعوا ربهم عز وجل.
بل نقول لكل مؤمن ومؤمنة في كل مكان في الأرض: لا تطيعوا من يعصي الرحمن؛ ولا تطيعوا من يأمر بمخالفة شرعه سبحانه وتعالى، وإن غلب الإنسان على أمر، فلا بد مع الإكراه من طمأنينة القلب بالإيمان، وليس لمجرد المصالح الوقتية الدنيوية التي يستغني الإنسان عنها، وإنما يكون الإنسان عند المخمصة والمهلكة، والضرورة التي تعجزه عن الحياة أو تفقده حياته وضروراته.
أما لمجرد نيل شيء من حطام الدنيا عند الناس، فلتذهب الدنيا بأهلها إن كانت في معصية الله.