أول وصف وصف الله عز وجل، من يستحقون الفيء: أن يكونوا من الفقراء المهاجرين، فقال:((لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ)) فالفقراء المهاجرون رضي الله تعالى عنهم تحملوا في سبيل الله سبحانه وتعالى الفقر، فقد كانوا قبل ذلك فيهم من له المال والعشيرة والوجاهة والوطن والدار والتجارة الرابحة، ثم تركوا ذلك لله سبحانه وتعالى، وتحملوا أن ينتقلوا إلى دار غريبة عليهم، صارت بعد ذلك أحب إليهم؛ لأنهم تركوا من أجلها وطنهم وأرضهم وديارهم وأهليهم.
فالله سبحانه وتعالى ذكر تضحيتهم في سبيله عز وجل، وتحملهم مشاق قلة المال، والبعد عن الوطن، والأهل والعشيرة، ولا شك أن الإنسان يكون مستريحاً أكثر في المسكن الذي يرتضيه، والذي نشأ فيه، وفي البلد الذي يحب أن يعيش فيه، خصوصاً إذا كان أحب بلاد الله إلى الله، وجعله الله عز وجل محبوباً إلى قلوب عباده المؤمنين، وهي: مكة المكرمة التي قال النبي صلى الله عليه وسلم عنها: (والله إنك لأحب البلاد إلى الله، وأحب بلاد الله إلي، ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت).
فلينظر كل منا إلى هذا الأمر، واستعداده للتضحية من أجله، فهؤلاء تحملوا الفقر في سبيل الله عز وجل، والغربة عن المساكن التي تركوها لله عز وجل وجهاداً في سبيله، كما قال سبحانه وتعالى في وجوب تقديم حب الله ورسوله وحب الجهاد في سبيله:{قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ}[التوبة:٢٤].