للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم النطق بما يناقض كلمة التوحيد]

من نطق بخلاف كلمة التوحيد -كمن قال عن نفسه معانداً لغيره إنه كافر، حين يأمره بالطاعة ويذكره بالإيمان كأن يقول له: ألا تؤمن بالله حتى تفعل كذا؟ فقال: لست مؤمناً، أو قال -والعياذ بالله- إنه كافر- فهذا لا يكون مؤمناً فعلاً، ونطقه بهذه الكلمة يخرجه من ملة الإسلام، حتى ولو قالها استهزاءً أو عناداً أو إغاظة لصاحبه.

وكثير من الناس يقول ذلك ويفعله وهو لا يدري مدى خطر هذه الكلمة، فيقول لمن يجادله ويناقشه إنه قد كفر -والعياذ بالله- ليقطع باب المناقشة، أو يقول ذلك لمن يأمر بمعروف أو ينهى عن منكر؛ ليتخلص من حرج مخالفته لهذا الأمر، فيقال له: ألست بمسلم؟ فيقول إنه ليس بمسلم -والعياذ بالله- أو يقول إنه يهودي أو نصراني؛ ليتخلص -مثلاً- من حرج مخالفته بالفطر في رمضان، أو مصاحبة النساء أو غير ذلك.

فهذا يخرج بذلك من الملة؛ لنقضه النطق بكلمة التوحيد الذي هو جزء لا يتجزأ من الإيمان، ولا يوجد الإيمان بدونه إلا مع العجز، كالحال في الأخرس، أو من وافته المنية فعجز عن النطق ساعة إرادته ذلك، فهذا يكون مقبولاً عند الله عز وجل عذره، والأخرس إذا كان يستطيع الإشارة أو يعمل أعمال الإسلام ويشير بما تفهم به إشارته حكم بإسلامه في الدنيا.

فأحكام الإسلام في الدنيا والآخرة لابد فيها من النطق؛ لأن النطق بكلمة التوحيد جزء من الإيمان، والرسول صلى الله عليه وآله وسلم قد بين أنه لا يقبل الاعتقاد مجرداً عن عمل القلب وعن نطق اللسان بكلمة التوحيد، حيث قال: (من قال: لا إله إلا الله خالصاً من قلبه دخل الجنة)، وقال الله عز وجل: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} [البينة:٥].