إن من يعتقد في الأحبار والرهبان، أو الكبراء والرؤساء حق التشريع وتحليل الحرام وتحريم الحلال، وتعديل الشرع أو يحاد شرع جديد يلزم به الناس، فهذا والعياذ بالله من أنواع الشرك الأكبر أيضاً، وإن كان انتشاره في العامة والخاصة جعله أمراً عادياً، حتى إن البعض يشك أنه شرك، والبعض يلحقه بالشرك الأصغر مع أنه لا شك من الشرك الأكبر، فمن يشرع للناس من دون الله ويجعل شرع الله تابعاً لكلام الناس فإن أقروه صار حقاً، وإن أبطلوه صار باطلاً، وإنما يطبق منه وينفذ ما وافق القوانين والدساتير، فقد وقع في الشرك والعياذ بالله.
وتجد أناساً يصومون ويصلون ويزعمون أنهم مسلمون، ويقررون ذلك أوضح تقرير، كما ذكرنا مثالاً من قبل فيمن ألزم الناس بالربا، وقال: إنه دستوري؛ لأن النص لم يتعرض للإلغاء لما قبل صدور هذا النص، أي: أن النص الدستوري بأن الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع لم يتعرض للإلغاء لما قبل ذلك، فالذي قبله مشروع لا بد أن يطبق ويلزم الناس به ومنه الربا، ولاشك أنه يسميه بغير اسمه، ولم يقل: هذا ربا، قال: هذه عمولة أو فائدة أو استثمار، مع أنه ربا صريح، ولا نزاع عنده أنه فائدة ربوية محرمة، ولكن النص لم يلغيه، ولذلك لا بد من اعتباره، وهذه قاعدة خطيرة جداً والعياذ بالله، وهي من أخطر ما يهدد العقيدة في أن الله وحده هو الرب الحاكم.