للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الغاية التي شرع لها الصيام]

عباد الله! من أراد أن يعلم هل قبل صومه وقيامه، وتلاوته للقرآن أم لا، فلينظر هل حقق الغاية التي شرع الله من أجلها الصيام؟! قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة:١٨٣]، فهل صرت أتقى لله سبحانه وتعالى من ذي قبل؟! وهل صرت أكثر خوفاً من الله عز وجل؟! فلابد أن تستحضر موقفك بين يديه سبحانه وتعالى، وتستحضر هول السؤال وخطر الحساب، فلو أن الناس لم يكن بين أيديهم من خطر إلا فزع الموقف في القيامة لكفى به فزعاً وهولاً، فهل استشعرت الخوف من الله عز وجل؟! لو لم يكن من خطر إلا أن تظن أنك هالك حين تعرض سيئاتك على الله عز وجل، ويعرفك بها، كما في حديث ابن عمر لما سئل: هل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر في النجوى شيئاً؟ فقال سمعته يقول: (يدني الرب سبحانه وتعالى عبده المؤمن يوم القيامة، ويلقي عليه كنفه -أي: ستره- فيقول: أتذكر ذنب كذا؟ أتذكر ذنب كذا؟ فيعرض عليه ذنوبه، حتى إذا رأى أنه قد هلك يقول: سترتها لك في الدنيا وأغفرها لك اليوم)، قال عتبة رضي الله عنه في هذه الخطبة التي خطبها: إن الدنيا قد آذنت بصرم، وولت حذاء، ولقد أخبرنا أن الحجر يهوي من شفير جهنم، فيظل يهوي فيها سبعين خريفاً حتى يصل إلى قعرها، والله لتملأن.

(حتى إذا رأى أنه قد هلك، أي هلاك هذا عباد الله؟! أي حبس هذا الذي يظنه المؤمن؟ أي خوف يقع فيه في تلك اللحظة الرهيبة؟ (يقول الله عز وجل: إني سترتها عليك في الدنيا فأنا أغفرها لك اليوم، فيؤتى صحيفة أعماله بيمينه) فيعود إلى أصحابه فيقول: {هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ} [الحاقة:١٩]، فهذا في الناجي يا عباد الله! هذا في الذي حسابه العرض، تمر عليه هذه اللحظة الهائلة التي يظن أنه قد هلك فيها، ويظن أنه داخل فيها النار نسأل الله العافية!