[ظلمة الوقوع في المكروهات]
ثم بعد ذلك فعل المكروهات، فإنها تؤدي إلى ظلمة أيضاً ولكن بقدرها، ولا يكون ذلك كظلمة المعاصي، بل إن كثرة انشغال الإنسان بفضول المباحات يؤدي إلى فوات نصيب عظيم من النور، ويفوته به الربح عند الله عز وجل الذي هو هادي أهل السماوات والأرض، ومنور السماوات والأرض سبحانه وتعالى.
فالعبد المؤمن يبتعد عن أسباب الظلمة، ويسلك سبل النور، ويسأل الله عز وجل أن يجعل في قلبه نوراً، وأن يجعل له نوراً حتى يعيش في نور بدلاً من الظلمات التي يعيش فيها أكثر الخلق، فإذا قال العبد في دعائه: (اللهم لك الحمد أنت نور السماوات والأرض ومن فيهن) كان ذلك متضمناً بسؤال الحال سؤال الرب سبحانه وتعالى أن يجعل له نوراً، وأن يكثر له منه، فأنت تعترف أنه ليس لك من نفسك هداية ولا نور ولا حياة، فكما وهبك الله حياة البدن فاسأله أن يهب لك حياة القلب، وكما وهبك نور العينين، فاسأله أن يهب لك نور البصيرة في القلب، وهو سبحانه وتعالى يمن على من يشاء من عباده، ويبسط الخير للمؤمنين، ويجعلهم سبحانه وتعالى في النور في الدنيا ويوم القيامة، والجنة مليئة بالنور، ويرفع سبحانه وتعالى فيها حجابه فينظر المؤمنون إلى ربهم، فإذا رأوا ربهم سبحانه وتعالى وجدوا من النعيم واللذة ما لا يجدون مثله في الجنة، (فما أعطوا شيئاً أحب إليهم من النظر إلى وجه ربهم) كما قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
اللهم بعلمك الغيب، وقدرتك على الخلق أحينا ما علمت الحياة خيراً لنا، وتوفنا ما علمت الوفاة خيراً لنا.
اللهم إنا نسألك خشيتك في الغيب والشهادة، ونسألك كلمة الحق في الغضب والرضا، ونسألك القصد في الفقر والغنى، ونسألك نعيماً لا ينفد، ونسألك قرة عين لا تنقطع، ونسألك برد العيش بعد الموت، ونسألك الرضا بعد القضاء، ونسألك لذة النظر إلى وجهك، والشوق إلى لقائك، في غير ضراء مضرة، ولا فتنة مضلة.
اللهم زينا بزينة الإيمان، واجعلنا هداة مهتدين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، اللهم أنزل بهم بأسك الذي لا يرد عن القوم المجرمين، اللهم كف بأسهم عن المسلمين فأنت أشد بأساً وأشد تنكيلاً، اللهم لا تجعل لهم على أحد من المسلمين سبيلاً.
اللهم انصر المجاهدين في سبيلك في كل مكان، وانصر الدعاة إليك في كل مكان، ونج المستضعفين من المسلمين في كل مكان.
اللهم فرج كرب المكروبين، وفك أسر المأسورين، وارفع الظلم عن المظلومين.
ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير، ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا، واغفر لنا ربنا إنك أنت العزيز الحكيم.
على الله توكلنا، ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين، ونجنا برحمتك من القوم الكافرين.
ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا، وثبت أقدامنا، وانصرنا على القوم الكافرين.
اللهم اجعل في قلوبنا نوراً، وفي أبصارنا نوراً، وفي أسماعنا نوراً، وعن أيماننا نوراً، وعن شمائلنا نوراً، ومن فوقنا نوراً، ومن تحتنا نوراً، وأمامنا نوراً، وخلفنا نوراً، اللهم اجعل لنا نوراً.
اللهم عليكم باليهود والنصارى والمنافقين، وسائر الكفرة والملحدين، وأصحاب الضلال ودعاة السوء.
اللهم من أرادنا والإسلام والمسلمين بسوء فاجعل كيده في نحره، واجعل تدميره في تدبيره، واجعل الدائرة عليه يا رب العالمين! اللهم انصر المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، اللهم انصر المسلمين في فلسطين، اللهم انصر المسلمين في البوسنة والهرسك، اللهم انصر المسلمين في كل مكان.
اللهم نج المستضعفين من المؤمنين والمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها.
اللهم من أرادنا والإسلام والمسلمين بسوء فدمره تدميراً، اللهم اجعل بأس الظالمين عليهم، وكف بأسهم عن المسلمين فأنت أشد بأساً وأشد تنكيلاً.
ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا، واغفر لنا وارحمنا.