[الطائفة المنصورة هي المعتبرة في التغيير وليس الكثرة]
وحتى نعرف أسباب ما حدث لنا وما يحدث لنا، فالإيمان إنما هو للطائفة المؤمنة وهي المعتبرة، وليست العبرة بالكثرة التي مثلها النبي بأنها كغثاء السيل، وإنما العبرة بالطائفة المؤمنة -التي هي الأمة في الحقيقة، وهي الطائفة المنصورة الظاهرة- على حسب أعمال القلوب وأعمال الجوارح، وعلى حسب شهود معاني الإيمان عند أفراد هذه الطائفة، فإذا كان التغيير قوياً ألان الله لهم كل صعب، وألان لهم الحديد، وإذا كان التغيير سطحياً ظاهرياً ولم يدخل إلى الأعماق لم تنبت أرض القلب التغير المطلوب؛ لأن القلوب بعد لم تتغير، فهي ما زالت ضعيفة، وما زال الإيمان فيها غير راسخ، ومن هنا يأت استمرار الحال على ما هو عليه، وتسلط الأعداء بطرق مختلفة، فلابد أن يكون التغيير من جذور القلب، فإذا كان التغيير بهذا الوصف لتغير به الكون، بل ولأمكن أن تتغير موازين الأرض والسماوت، فلو أن الإنسان استحضر صفات الرب عز وجل وعمل بمقتضاها لتغير فعلاً، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}[الأنفال:٤٥]، فلو أن الإنسان استحضر بقلبه لماذا شرع تكرير الأذكار؟ لعرف أنه شرع من أجل أن يدخل الذكر إلى أعماق القلب، فهو يحتاج إلى مجهود كبير جداً حتى يصل إلى القلب، وخصوصاً عندما تكون العوامل الخارجية صارفة لقلب الإنسان عن الحضور، ولذلك شرع التكرار، والمشكلة أنه يمكن أن يكرر لكن باللسان المجرد، فلا يتأثر ولا يتغير الواقع، فلو تدبر مثل: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، أو التسبيح أو تلاوة القرآن، من الممكن أن يغير تغييراً جذرياً، لا أقول في الإنسان، بل في الأرض كلها.