إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم.
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
الواقع الذي نعيشه كمن يستلقي على الفراش ويقرأ صحف الصباح، هذه هي المشكلة لدى الكثيرين منا إن لم يكن لدينا جميعاً، نسأل الله العافية.
لا شك أن الأمر لبني إسرائيل بأن يأخذوا ما آتاهم الله بقوة هو أمر لنا كذلك؛ لأن شريعتنا أتت بمثل ذلك، قال النبي صلى الله عليه وسلم:(المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل الخير).
والقوة المذكورة هنا هي في أمر الدين؛ فإن الرسول صلى الله عليه وسلم قال:(ليس الشديد بالصرعة ولكن الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب)، فتبين بذلك أن القوة البدنية إذا لم يكن معها قوة في النفس وقوة في القلب في مرضاة الله سبحانه وتعالى لم تكن نافعة؛ لذا نقول: إن هذا الأمر أمر لنا، وهو أمر من الله إلى الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، وقد أمر الله النبي صلى الله عليه وسلم أن يقتدي بهم، فقال له:{أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ}[الأنعام:٩٠]، وهذا موسى عليه السلام قال الله عز وجل له:{وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ}[الأعراف:١٤٥].
وقال سبحانه وتعالى ليحيى عليه السلام:{يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا}[مريم:١٢].
فهذا أمر الله للأنبياء، ولذا فهو أمر لنبينا صلى الله عليه وسلم وأمر لنا بالتبع؛ لأننا نتبع الرسول صلى الله عليه وسلم ونتبع أنبياء الله عز وجل.
لا شك أن المرحلة التي يعيشها المسلمون اليوم مرحلة حاسمة وخطيرة، وإذا بذل كل فرد من أفراد المجتمع المسلم جهده وكل ما عنده من قوة، عند ذلك يرجى أن يتغير الواقع، ويرجى أن يأتي الفرج من عند الله سبحانه وتعالى، وأن تتبدل الأحوال التي قد يظن كثير من الناس أنها لا مخرج منها، وأنها وصلت إلى طريق مسدود.