إن الحمد الله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم.
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله سلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
ثم أما بعد:(فاللهم لك الحمد أنت نور السموات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت قيام السموات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت رب السموات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت ملك السموات والأرض ومن فيهن، أنت الحق، ووعدك حق، وقولك حق، ولقاؤك حق، والجنة حق، والنار حق، والساعة حق، والنبيون حق، ومحمد صلى الله عليه وآله وسلم حق، اللهم لك أسلمت، وبك آمنت، وعليك توكلت، وإليك أنبت، وبك خاصمت، وإليك حاكمت، أنت ربنا وإليك المصير، فاغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم وأنت المؤخر، أنت إلهي لا إله إلا أنت، ولا حول ولا قوة إلا بك) هذا الدعاء الذي كان يستفتح به النبي صلى الله عليه وآله وسلم صلاته بالليل، والذي هو معجزة من معجزاته الباهرة صلى الله عليه وسلم، وهو مما خصه الله عز وجل به عن الأنبياء؛ إذ قال عليه الصلاة والسلام فيما أوتيه ولم يؤته أحد قبله:(وأوتيت جوامع الكلم)، وهذا من جوامع كلمه عليه الصلاة والسلام الذي بين فيه أسس التوحيد، ومعاني الإيمان، وأسس السلوك والأخلاق السوية التي بها يصلح الإنسان، والتي إذا طبقها في حياته سعد سعادة الدنيا والآخرة.
قوله عليه الصلاة والسلام:(ولك الحمد أنت رب السموات والأرض ومن فيهن)، فيه تحقيق توحيد الربوبية في نفس العبد، وأن يشهد الإنسان أن الله سبحانه وتعالى الذي له الحمد على كمال أسمائه وصفاته، وكمال ربوبيته وألوهيته، وعلى عظيم نعمه على خلقه، فهو رب السموات والأرض ومن فيهن، فلا يشاركه في ربوبيته سبحانه وتعالى مخلوق، ولا نصيب لأحد دونه في شيء من معاني الربوبية.