إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وآله وسلم.
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
ثم أما بعد: فإن من أعظم ما يحتاج إليه المؤمن في سيره إلى الله سبحانه وتعالى، وتحتاج إليه الجماعة المؤمنة والطائفة المسلمة فيما تواجهه من صعوبات وعقبات وتحديات في سعيها لإعلاء كلمة الله سبحانه وتعالى في الأرض، هو دراسة سير الأنبياء وسننهم، وخاصة سيرة محمد صلى الله عليه وآله وسلم خاتم النبيين، واستيعاب وإدراك المواقف الإيمانية والعبر والعظات التي جعلها الله عز وجل في سيرته صلى الله عليه وسلم، وكيف واجه المواقف المختلفة التي نوّع الله عز وجل أقسامها بين شدة ورخاء، وبين عسر ويسر، وبين استضعاف وتمكين، وبين قوة وضعف في الظاهر، وستجد أنها تستوعب الأقسام المحتملة التي يواجهها أهل الإيمان في صراعهم مع أهل الباطل عبر العصور، وهم يحتاجون في كل موقف إلى تلمس النور من منبعه ومصدره الذي أفاضه الله عز وجل على قلب محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وكيف كانت مواقفه عليه الصلاة والسلام في كل حال.