شرع الله عز وجل الجهاد لإعلاء كلمة الله في الأرض، وهذا هو النوع الأول من أنواع الجهاد وهو: جهاد الطلب الذي شرعه الله عز وجل بقوله: {فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ}[التوبة:٥].
وقال في الآية الأخرى:{قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ}[التوبة:٢٩] وذلك لأن الأرض أرض الله، والعباد عباده، فيجب أن تعلوهم كلمته، ومن أراد أن يختار الكفر فهذا شأنه، ولكن لا يحق له أن يفرضه على الخلق، ولا أن يعليه على الأرض، فإنها ليست ملكاً له ولا لآبائه.
وأما النوع الثاني من أنواع الجهاد: فهو جهاد الدفع، فعندما ينزل العدو ببلاد المسلمين، أو يحتل شيئاً منها، فحينها يصبح الجهاد فرض عين، أما النوع الأول من الجهاد فهو فرض كفاية على أمة الإسلام، وأما النوع الثاني: وهو إذا نزل العدو ببلاد المسلمين: فهذا يتحتم دفعه على أهل المحلة أو البلد التي نزل بها واحتلها، ثم على من بجوارهم على مسافة القصر، ثم من بعدهم يجب عليهم أن يعينوهم، فهذا النوع فرض عين على أهل البلد، وواجب عليهم أن يدفعوا ذلك العدو، وهو فرض كفاية على من بعد من المسلمين عنهم أكثر من مسافة القصر، ومن كان منهم في حقه فرض كفاية فعليه أن يعينهم بما يحتاجون إليه، حتى يدفع ذلك العدو، وتراعى في ذلك مصالح المسلمين وقدواتهم.
وكذلك إذا أسر الكفار مسلماً، فإن المسلمين فرض عليهم أن يتعاونوا لتخليصه من الأسر، وفرض عليهم أن يقاتلوا لأجل تحريره إذا غلب على ظنهم تحصيل ذلك، وأما إذا علموا العجز فعليهم أن يصبروا إلى أن يمكنهم الله سبحانه وتعالى، حتى يقويهم الله، وعليهم أن يأخذوا بأسباب القوة.