للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[إكرام الله لإبراهيم وأهله بالثناء الحسن عليهم]

قال تعالى: {وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا} [مريم:٥٠] لقد جعل الله لإبراهيم ولإسحاق وليعقوب ولآل إبراهيم جميعاً لسان صدق في الآخرين، وذلك أن الناس تثني عليهم، واجتمعت الأمم على مباركتهم والدعاء والثناء لهم، كما أخبر الله سبحانه وتعالى عن دعوة إبراهيم عليه السلام: {رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ * وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الآخِرِينَ} [الشعراء:٨٣ - ٨٤]، واللسان الصدق هو الثناء الحسن من أهل الإيمان، وهذا هو المقصود، وهو لسان علي رفيع القدر؛ لأن أهل الإيمان إذا أثنوا على أحد فإن الله سبحانه وتعالى يوجب له الخير، وليس هناك اعتبار إلا بثناء أهل الخير والإيمان؛ فإنهم شهداء الله عز وجل في أرضه، كما في الحديث: (مر بجنازة فأثنوا عليها خيراً فقال عليه الصلاة والسلام: وجبت وجبت، ثم مر بجنازة فأثنوا عليها شراً فقال: وجبت وجبت، فسألوه عن ذلك، فقال: هذه أثنيتم عليها خيراً فوجبت لها الجنة، وهذه أثنيتم عليها شراً فوجبت لها النار، ثم قال: أنتم شهداء الله في أرضه).

فالمعتبرون في الثناء والمدح والذكر الحسن هم أهل الإيمان، وأما أهل الباطل فمدحهم وذمهم لا قيمة له: {إِنْ هُمْ إِلَّا كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا} [الفرقان:٤٤]، فهم يمدحون الباطل ويذمون الحق، فلا اعتبار بهم ولا تقبل شهادتهم عند الله.