نريد أن نستعرض معاً ما هي أنواع القوة التي نحتاجها فيما نحن مقبلون عليه، وفيما نحن فيه تجاه الإسلام؟ وكيف نعمل من أجله؟ وما هي القوة المطلوبة في ذلك؟ تكلم أهل العلم عن نوعين من أنواع القوة يحتاجها كل سائر في أي طريق، ويحتاجها السائر إلى الله سبحانه وتعالى بالأولى.
النوع الأول: القوة العلمية المبصرة التي يرى بها طريقه.
النوع الثاني: القوة العملية، قوة الإرادة وقوة العزم، وقوة التحرك بالفعل، ولا تغني واحدة من القوتين عن الأخرى، فلابد من قوة علمية مبصرة، فالإنسان عندما يسير بسيارته مثلاً في طريق مظلم، وهذا الطريق مليء بالعقبات ومليء بالتفرعات الخطرة التي لو لم يكن الإنسان يعرف الطريق جيداً ويبصر لن ينجو منها، ويوشك أن يهلك في أحد الأودية المهلكة، التي يقع فيها من ينحرف عن هذا الطريق، كما أن في هذا الطريق قطاع طرق كثيرون، ينتظرون أي إنسان تتعطل مسيرته فيهجمون عليه ويمزقونه إرباً، أو يأخذونه أسيراً عندهم فضلاً أن يستولوا على ماله ولو كان معه شيء آخر كأهله وأولاده وغير ذلك لاستولوا عليه، وهذا والله نحن بصدده كمثال، فلابد أن يكون السائر على صراط الله عز وجل ذا قوة مبصرة، فهذا السائر بسيارته لا يمكن أن يسير في الطريق المظلم بدون نور في السيارة، وإلا يصطدم بالعقبات، أو يضل الطريق عند الانحرافات والتفرعات، أو يسقط في أحد الأودية المهلكة، كذلك لا يمكن أن يكون الموتور متوقفاً؛ لأنه لو توقف حتى ولو كان معه نور لأوشك النور أن ينطفئ، كما قال أحد السلف: العلم يهتف بالعمل فإن أجابه وإلا ارتحل، فإن لم تكن متحركاً عاملاً بعلمك أوشك هذا النور الذي أعطاك الله إياه أن ينطفئ، إذا لم تكن تزكي هذا العلم بالعمل أوشك هذا العلم أن يرحل ويزول، كنور السيارة حين ينطفئ إذا لم يكن المحرك يعمل، فلابد أن يكون هناك محرك حتى يستمر النور، وإلا انطفئ بعد قليل.
وكذا إذا لم يكن المحرك يعمل فقطاع الطرق يريدون أخذ كل شيء معك، يريدون أخذ قلبك حتى يفرغوه من الحق الذي فيه، ويملئوه بباطلهم وزخرفهم، ويريدون أخذ أموالك ليستغلوها في الربا والميسر والخرافات والخزعبلات، ويريدون أخذ أولادك ليكونوا عبيداً والعياذ بالله لمناهجهم المنحرفة، وجاهليتهم العفنة، ويريدون أخذ أهلك من أجل أن تكون نساء الأمة مباحات لمن يشتهي ويريد في الهيئة وفي الفعل وفي غير ذلك، ويريدون وقف عقل الأمة بالكلية.
ما أكثر قطاع الطرق من أعداء الإسلام والمسلمين من الكفار والمنافقين! فهم متربصون بكل طريق، فهل آن لنا أن نشعر بالخطر حتى نستمر في طريقنا بكل قوة، ونحافظ على النور الذي معنا، ونندفع كذلك على الطريق الصحيح بأقصى ما عندنا من قوة، أم ما زلنا نتحرك وما زلنا نعمل بطريقة كمن يستلقي على الفراش وينظر ويتأمل ويتعاطف مع هذا الفريق ضد هذا الفريق؟ هذا أمر خطير لابد أن ننظر في علاجه جيداً، فإننا منذ مدة طويلة قد بدأ كثير منا الالتزام، لكن هل حققنا ما هو مطلوب منا في نوعي القوة: القوة العلمية، والقوة العملية؟ سوف نذكر بعض التفاصيل الضرورية لكل واحدة منهما؛ لينظر كل واحد منا إلى نفسه أولاً قبل أن ينظر إلى الآخرين، ماذا حقق في هذا الجانب؟