ثم حذر سبحانه وتعالى من النار، فقال:{وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ}[آل عمران:١٣١] وهذا جزء من تقواه سبحانه وتعالى، أي: أن تتقي ما يؤدي إلى دخول النار التي أعدها الله أصلاً للكافرين، وإن كان قد يدخلها بعض أهل التوحيد لذنوب اقترفوها، لكن هي أصلاً أعدت لتبقى ويبقى أهلها من الكفار.
فهذه الآيات قد تضمنت التحذير من النار والترغيب في الجنة، قال تعالى:((وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ)) وهذا لكي يعرف المؤمن مدى تقواه لربه سبحانه وتعالى.
ثم ليعلم المسلم أن مفتاح هذا الخير والفلاح: أن يستحضر أمر الجنة والنار دائماً، وأن يستحضر مدى الخطر الذي ينتظره وينتظر البشرية كلها، إذا هو لم يتق الله سبحانه وتعالى، ولم يجعل لنفسه وقاية من سخط الله وعقابه.
وهذه الآية الكريمة مما استدل به أهل السنة والجماعة على أن النار والجنة مخلوقتان وموجودتان الآن، وأنهما قد أعدتا لأهلهما، كما تواترت بذلك الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في وصف من رآهم من أهل النار وأهل الجنة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم رأى الجنة والنار، وقد أراهما الله عز وجل من شاء من خلقه من ملائكته ومن أرواح أنبيائه.