وذكر الله باسمه الرحمن المتضمن صفة الرحمة الظاهرة في الكون ظهوراً واضحاً جلياً بيناً لكل من يتأمل.
وتظهر آثار هذه الرحمة العامة فيما خلق من البشر، وخلق في قلوبهم من أنواع الشفقة والرحمة على ذويهم، وأولادهم، وجعلها كذلك في الدواب، وآثار رحمة الله عز وجل لأهل الأرض بالمطر وبالأنهار وبالليل والنهار، وبأنواع الرحمات، وهذا أمر ظاهر، لا يخطئه متأمل.
فذكره بأن الرحمن يريد بنا الرحمة، ويريد أن يرحمنا، والشيطان عصي له، فلا تعبده بطاعته في الوقوع في الكفر والعياذ بالله! ولذا كانت هذه العلة مقتضية بأن كل من كان للرحمن عصياً لا تجوز طاعته، ولا متابعته.
وقوله:((إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا))، الشيطان عصي للرحمن، وشياطين الإنس كذلك عصاة للرحمن، وكل من عصى الله فلا يطاع في معصية الله عز وجل، ولا يتابع، وإلا كان ذلك من عبادته، أو مؤدياً إليها، نعوذ بالله من ذلك.
فالإنسان لا بد أن يعلم لمن تكون طاعته ومتابعته، فلا يتابع إلا الحق، ومن يأمر به، من يدعو إلى عبادة الله، وأما من يطيع غيره ممن عصى الله عز وجل فإنما يصل إلى الشقاء، ويُمنع من الرحمة.