وقد دل هذا الحديث على انتقاض الوضوء بخروج القيء، كما هو ظاهر. ٢ - ما روى البخاري في صحيحه، ١/ ٥٣، عن عائشة - رضي الله عنها - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال للمستحاضة: "إنما ذلك عرق، وليس بحيض، فإذا أقبلت حيضتك فاغسلي عنك الدم، ثم صلي، قال: وقال أبي: ثم توضئي لكل صلاة حتى يجيء ذلك الوقت". وجه الدلالة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - علل وجوب الوضوء بأنه دم عرق، وكل الدماء كذلك، فدل على أن خروج الدم من أي مكان في الجسد ناقض للوضوء. ٣ - ما نقل عن عدد من الصحابة والتابعين من القول بانتقاض الوضوء بخروج الفاحش النجس من غير السبيلين، فقد قال الإمام الترمذي في سننه، ١/ ١٤٥: (وقد رأى غير واحد من أهل العلم من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وغيرهم من التابعين الوضوء من القيء والرعاف). وقال في المغني، ١/ ٨٤: (روي ذلك عن ابن عباس، وابن عمر ... فإنه قول من سمينا من الصحابة ولم نعرف لهم مخالفًا في عصرهم، فيكون إجماعًا). وانظر بعض من نقل عنه القول بهذا من الصحابة والتابعين في: مصنف عبد الرزاق، ١/ ١٤٣ - ١٤٩، ٢/ ٣٤٠، مصنف ابن أبي شيبة، ١/ ٤٠، ١٣٧، ٢/ ١٩٤، السنن الكبرى للبيهقي، ٢/ ٢٥٦. ثانيًا: استدلوا على عدم انتقاض الوضوء بالخارج اليسير من غير السبيلين بما نقل عن عدد من الصحابة والتابعين قولًا وفعلًا العفو عن يسير النجاسة إذا كانت من غير السبيلين، كما ثبت ذلك عند البخاري في صحيحه عن ابن عمر، وابن أبي أوفى، كما روي ذلك عن أبي هريرة، وابن عباس، وسعيد بن المسيب، والحسن البصري، والنخعي، وعطاء بن أبي رباح، والشعبي، ومجاهد، وسعيد بن جبير، وغيرهم. انظر هذه الآثار في: صحيح البخاري معلقًا بصيغة الجزم، ١/ ٤٥، مصنف عبد الرزاق، ١/ ١٤٣ - ١٤٩، مصنف ابن أبي شيبة، ١/ ١٣٨، السنن الكبرى للبيهقي، ١/ ١٤١. (١) هذا الفصل - فيما يظهر - استدراك من المصنف على السامري، وتقييد لما أطلقه في الفصل السابق؛ لأنه أطلق هناك العفو عن يسير النجاسة من غير السبيلين، ولم يستثن البول والغائط، مع أنه لا خلاف في المذهب: أن اليسير منهما ينقض ولو خرج من غير السبيلين كما قاله في: المغني، ١/ ١٧٢، والمبدع، ١/ ١٥٦ وغيرهما.