للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

والفرق: أنه إذا نواها للتجارة، ولم يفعلها لا تبطل حكم الخدمة بمجرد النية، كما لو نوى المقيم السفر.

بخلاف ما إذا نواها للخدمة وقد كانت للتجارة؛ لأنه نوى الخدمة، فبطل حكم ما نواه قبله، وصارت للخدمة، كالمسافر ينوي الإقامة، فإنه يبطل حكم السفر ويصير مقيمًا، كذا هنا.

والمعنى في ذلك: أن السفر والتجارة عمل، فما لم يوجد لا يحكم به، والإقامة والخدمة ترك العمل، والترك يحصل مع النية من غير عمل، فلذلك افترقا (١).

قلت: والصحيح: أنه لا فرق بين الصورتين (٢)؛ لأن الشارع أوجب الزكاة في الأموال المعدة للاكتساب والتجارة، والجاريةُ فيما نحن فيه صارت بالنية معدة لذلك، فتجب فيها الزكاة، هذه إحدى الروايتين (٣)، وهو الصحيح كما قلنا، ثم قياسهم ذلك على المقيم ينوي السفر في غاية البعد؛ لأن السفر حالة فعله لا مدخل للنية فيه، وكون الشيء معدًا للتجارة أمرٌ يحصل بالنية.

ألا ترى أنه إذا اشترى سلعةً للتجارة فإن النية هنا صيرتها للتجارة؛ لأنه


(١) انظر: فروق السامري، ق، ١٦/ ب.
وانظر المسألتين والفرق بينهما في: فروق الكرابيسي، ١/ ٧٣.
(٢) الصحيح في المذهب هو التفريق بينهما، كما تقدم ذلك موثقًا، وقال في الإنصاف، ٣/ ١٥٣: (هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب، قال الزركشي: هذا أنص الروايتين وأشهرهما، واختارها الخرقي، والقاضي، وأكثر الأصحاب، قال في الكافي
والفروع: هذا ظاهر المذهب).
(٣) واختارها طائفة من أعيان المذهب.
ووجه هذه الرواية: أنه إذا كانت نية القنية بمجردها كافية في إسقاط الزكاة فكذلك نية التجارة كافية في وجوبها، بل هي أولى؛ لأن الإيجاب يغلب على الإسقاط احتياطًا، ولأنه أحظ للمساكين.
انظر: المغني، ٣/ ٣٦، الشرح الكبير، ١/ ٦٧١، الإنصاف، ٣/ ١٥٣.

<<  <   >  >>