أما إن وجد استدامة قبض من غير إذن في الاستدامة، فها هنا ثلاثة أقسام:
أحدها: أن يكون عقد على ملكه عقدًا لازمًا، ولم يقبضه المالك بعد، فإن كان ممتنعًا من تسليمه فهو كغاصب، إلا حيث يجوز له الامتناع من التسليم؛ لتسليم العوض على وجه، أو لكونه رهنًا عنده، أو لاستثنائه منفعته مدة.
وإن لم يكن ممتنعًا من التسليم بل باذلًا له فلا ضمان على ظاهر المذهب، إلا أن يكون المعقود عليه مبهمًا لم يتعين بعد، كقفيز من صبرة، فإن عليه ضمانه في الجملة.
القسم الثاني: أن يعقد عليه عقدًا، أو ينقله إلى يد المعقود له ثم ينتهي العقد، أو ينفسخ، وهو نوعان:
النوع الأول: أن يكون عقد معاوضة كالبيع إذا انفسخ بعد قبضه، بعيب، أو خيار، والعين المستأجرة إذا انتهت المدة، والعين التي أصدقها المرأة وأقبضها، ثم طلقها قبل الدخول.
والثاني: أن يكون غير عقد معاوضة؛ كعقد الرهن إذا وفي الدين، وكعقد الشركة والمضاربة والوديعة والوكالة إذا فسخ العقد والمال في أيديهم.
فأما عقود المعاوضات، فيتوجه فيها للأصحاب وجوه:
الوجه الأول: أن حكم الضمان بعد زوال العقد حكم ضمان المالك الأول، قبل التسليم.
والوجه الثاني: إن كان انتهاء العقد بسبب يستقل به من هو في يده كفسخ المشتري، أو يشارك فيه الآخر كالفسخ منهما فهو ضامن له؛ لأنه تسبب إلى جعل ملك غيره في يده.
والوجه الثالث: حكم الضمان بعد الفسخ حكم ما قبله، فإن كان مضمونًا فهو مضمون، وإلا فلا.
الوجه الرابع: لا ضمان في الجميع، ويكون المبيع بعد فسخه أمانة محضة.