للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رجل قمشَ (١) علماً في أوباش الناس بغير علْم ولا دليلٍ، بكَّرَ فاستكثَر مما قلَّ منه، خيرٌ (٢) مما كثُر حتى إذا ارتوى من آجنٍ واكْتنَز من غير طائلٍ جلَس للناس مُفتياً لتخليص ما التبس على غيره، فهو من (٣) قطْع الشُبهات في مثل نسْج العنكبوت، لا يَدري أصابَ أم خطأ، خَبّاطُ عَشَواتٍ، رَكّابُ جَهالات، لم يَعضَّ على العلْم بضرسٍ قاطع فيَغنَمَ، ولم يسكت عما لم يعلم فيسلَمَ، تصْرُخ منه الدماءُ وتبكي منه المواريثُ ويُستَحلُّ بقضائه الفَرْجُ الحرامُ (٤)، أولئك الذين حَلَّت عليهم النياحةُ أيام حياتهم.

قرأْتُ هذا الحديث في كتاب «نهج البلاغة» أطْولَ من هذا وقرأتُه في «الفائق (٥)» بروايةٍ أخرى فيها تفاوتٌ ولا أشرح إلا ما نحن فيه:

يقال: «هو رهن بكذا ورهينُه»: أي مأخوذ به. يقول:

أنا بالذي أقوله مأخوذ. و «زعيم» أي كفيلٌ فلا أتكلم إلا بما هو صِدْق وصوابٌ. والمعنى أن قولي هذا حقّ وأنا في ضمانة فلا تَعدِلَنّ عنه.

ثم أخذ في تقريره فقال: «إن من صرّحتْ له العِبَرُ» أي ظَهرت أو كُشِفت (٦)، لأن «التصريح» يتعدى ولا يتعدى. يعني أن من اعتَبر بما رأى وسمعَ من العقوبات التي حلّت بغيره فيما سلف، «حَجزه التقوى» بالزاي أي منَعه الاتقاءُ عن الوقوع فيما يَشتبَه ويُشْكل أنه حقّ أو باطل، صِدْق أو كِذْبٌ، حلال أو حرام، فيحتَرِسُ ويحتَرِز.


(١) أي جمع.
(٢) ط: فهو خير.
(٣) ع: في.
(٤) ط: الحرام والفرج.
(٥) الفائق ٢/ ١٥ - ١٦.
(٦) مبني للمجهول كما في الأصل، وهو في ع مبني للمعلوم.

<<  <  ج: ص:  >  >>