للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبه [مجزوء الرجز]:

ما لي أرى أَيَّامَنا ... تمرُّ مرًّا مُسْرِعا

إذا حَسَبْتُ أشهُرًا ... حَسِبْتُهُنَّ جُمَعا

ولم نكنْ نُعْنَى بأنْ ... تُبطئَ أو أَنْ تُسرعا

لو لم تكنْ أعمارُنا ... وهنَّ يَذهَبْنَ معاً

وُلدَ سنةَ ستٍّ وستينَ وخمس مئة (١)؛ وكان من دُعائه في حِصارِ إشبيلِيَةَ رَجَعَها اللهُ ألا يُخرِجَه اللهُ منها ولا يمتَحنَه بما امتَحَنَ به أهلَها، فتوفِّي يومَ الأربعاء لتسع بِقينَ من شعبانِ ستٍّ وأربعين ولست مئة قبلَ تغلُّب النَّصارى -دَمَّرَهم اللهُ عليها، استَنْقَذَها اللهُ- بتسعةِ أيامِ، وتوَلَّى غَسْلَه الشيخُ الصَّالح أبو الوليد الخَرّاز، ولم يحضُر الصّلاةَ عليه إلا ثلاثةُ نَفر؛ لِما حَلَّ بالنَّاس حينئذٍ من الموتِ وَبَاءً وجوعًا، نفَعَهم الله. وقال أبو الحُسَين ابنُ السِّرَاج: توفِّي عندَ دخولِهم لم يُمهَلْ؛ قال: ودُفن بدارِه وحُفِرَ قبْرُه بالسكاكينِ استعجالًا لمُواراتِه واشتغالًا عن التماسِ آلاتِ الحَفْر بهَوْل اليوم؛ وقال ابنُ الآبّار: توفِّي بعدَ دخولِ الروم بنَحْو ثمانيةِ أيام لم يزَلْ أثناءها مُرتَمِضًا مُضْطَرِبًا إلى أن قضَى نَحْبَه. والصّحيحُ ما بدَأْنا به، واللهُ أعلم (٢).


(١) هامش ح: "سئل أبو الحسن الدباج عن مولده فقال: ابتدأت القراءة على ابن صاف عام ثمانين وخمس مئة وسني إذ ذاك نحو من ثلاثة عشر عامًا".
(٢) من هامش ح: "وممن حدّثنا عن الدباج المذكور: شيخنا أبو الحكم بن أحمد بن منظور القيسي، قال أبو الحكم: أنشدني الدباج لنفسه بإشبيلية [مجزوء الرجز]:
لربنا مأدبةٌ ... دعا إليها الجَفَلى
فمن أتاها مُسلِمًا ... يرتعْ بروضات الفلا
في الثمر الحلو الذي ... قد فاق كل ما حَلا
لذّاتُه لا تنقضي ... لمن صغى ومن تلا
سبحان من يسَّره ... لذكره وسَهّلا
لولاه لم نُطِقْ له ... ذكرًا ولا تحمُّلا
والحمد لله كما ... علّمَنا وأفضلا".

<<  <  ج: ص:  >  >>