للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سالم، وأبو زكريّا يحيى بنُ أبي بكر بن عبد الله بن جَبَل، وأبَوا عبد الله: ابنُ أحمدَ الفاسِيّ ابنُ الطّويل ومحمدُ بن أحمدَ بن مُؤمن القَيْسيُّ الفاسِيّ، وأبو عبد الرّحمن التُّجِيبيّ، وأبو العبّاس بن عبد المُؤمن، وأبو القاسم بن عبد الرّحيم بن إبراهيمَ ابن الفَرَس وأبو محمد بنُ أحمدَ المولي أبو الحَجّاج.

وكان محدِّثًا راوِيةً مكثِرًا، عُنيَ بهذا الشأن طويلًا وبَخَتَ فيه، حاضرَ الذِّكر للآدابِ والتواريخ عمومًا، وخصوصًا تواريخَ المحدِّثين، ماهرًا في عِلم الكلام والطبِّ موفَّقَ العلاج، بارِعًا في التعاليم، أديبًا شاعرًا حسَنَ التصرُّف، متقدِّمًا في صنْعة التوثيق وفي ما كان ينتحلُه من العلوم؛ ونَظَم في العقائد قصيدةً جامعة كبيرةً وقَفْتُ عليها، وفيها بخطِّه إلحاقُ بيوتٍ كثيرة وتصحيحٌ، ورأيتُها أيضاً منسوبةً إلى غيرهِ، فاللهُ أعلم.

وكان مُمتِعَ المجالَسة؛ قال أبو العبّاس بن عبد المُؤمن: كنّا معَه أيامَ القراءة عليه في رَوْضة، قال: وآتَيْتُ أبا عبد الله ابن السَّقّاط يومًا فوجَدتُه ممتلئًا سُرورًاً وفي عينَيْه أثرُ بُكاء، فقال لي: فاتَكَ مجلسٌ شريف، قلتُ له: وما ذاك؟ فقال لي: الآنَ قام من موضعِك أبو الحَسَن بن مُؤمن فذاكَرَنا بأنواعٍ من الأدب ما سَمِعنا مثلَها.

قال أبو الحَسَن بن مُؤمن: لمّا اجتَمْعتُ بالحافظ أبي الطاهِر السِّلفيِّ ودخَلتُ إليه في منزلِه أكرَمَني وأبدَى لي مَبَرّةً وإقبالًا وأثنَى على أهل الأندَلُس خيرًا، ثم سأَلَني عن حوائجي، فذكرتُ له مقاصدي وأنّ جُلَّ قَصْدي بتلك البلاد لُقْياه والأخْذُ عنه، فأنعَمَ بذلك ووَعَدَني بكلِّ خير؛ ثم أنشَدتُه أبياتًا كنتُ رَوَّيتُها وأنا بالبحرِ في مدحِه، وهي هذه [الطويل]:

ظمِئتُ فهلْ لي في مواردِكمْ رِيُّ؟ ... وهل ليَ في أكنافِ عزِّكمُ فَيُّ؟

وقد طُفْتُ في الآفاقِ علِّيَ أنْ أرى ... بها أحدًا والحيُّ ما إنْ به حَيُّ

قصَدْتُ إليكمْ من بلادٍ بعيدةٍ ... وأنصَبَ جسمي للسُّري نحوَكمْ طيُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>