للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويُذكَرُ أنّ بينَه وبينَ بني عَبَّاد قَرابةً وأخفَى أبوهُ نَفْسَه بعدَ خَلْعِهم، وتلبَّسَ بالأذانِ في مَنَار المسجد الجامع ببَلَنْسِيَة. رَوى عن أبي محمد البَطَلْيَوْسيِّ.

رَوى عنه آباءُ بكر: ابنُ عبد الرّحمن الكُتَنْديّ واليَحْيَيانِ (١): ابنُ رِزق وابنُ محمد الأَرْكَشيّ؛ وكان شاعرًا مُجِيدًا غَزِلًا حَسَنَ التصرُّف في معاني الشعر، نبيلَ الأغراض، وشعرُه واصفًا ومادحًا ومتغزِّلًا شاهد بإجادتِه، وهو مدوَّن موجودٌ بأيدي الناس، ومنه في وَصْف قَوْس (٢) [البسيط]:

يارُبَّ مائسةِ الأعطافِ مُخْطَفةٍ ... إذا دَنَا نَزْعُها فالعيشُ منتزَحُ

ظلَّتْ تَرِنُّ فظلَّ النَّزْعُ يَعطِفُها ... كما ترَنَّمَ نَشْوانٌ به مَرَحُ

وقد تأَلَّق نَصْلُ السَّهمِ مُندفعاً ... عنها فقُلْ: كوكب يَرْمي به قُزَحُ

وفيها (٣) [الكامل]:

مَنْ كان يبغي أن تضاهيَ كَفُّهُ ... أُفُقَ السماءِ بما حَوَتْ من أنجُمِ

لا تخلُ منّي راحتاهُ لدى الوَغَى ... أرمي العِدا بشِهابِ قَدْحٍ مُضرَمِ

فأنا التي تَحكي الهلالَ مَعاطفي ... وأنا التي تَحكي الكواكبَ أسهُمي

وفي معنًى آخَرَ (٤) [الطويل]:

وساقٍ يحُثُّ الكأسَ حتى كأنَّما ... تلألأ منها مِثلُ ضَوْءِ جبينِهِ

سَقَاني بها صِرْفَ الحُمَيَّا عَشِيّةً ... وثنَّى بأُخرى مِن رحيقِ جُفونِهِ

هضيمُ الحَشَا ذو وَجْنةٍ عَنْدَمِيَّةٍ ... تُريكَ قِطافَ الوردِ في غير حينِهِ

فأشرَبُ من يُمناهُ ما فوقَ خدِّهِ ... وألثُمُ مِنْ خَدَّيهِ ما في يمينِهِ


(١) في النسخ: "واليحيين" ولا تستقيم نحواً.
(٢) الديوان (٢٣)، والمغرب ٢/ ٣٢٩.
(٣) هي القطعة (١٠٨) في الديوان.
(٤) الديوان (١١٩)، وينظر المطرب (١٠٢)، والشريشي ١/ ٢٠٩ وغيرهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>