للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا تَلومُوني على الوَجْدِ فما ... يَفْغَرُ المُنصفُ باللومِ فَمَا

كيف لي بالخَيْفَ يَدْنو ومِنًى ... فهما همُّ فُؤادٍ فَهُما

يا حُداةَ العِيس رِفقًا إنّها ... شَكَتِ الجَهْدَ وبُعْدَ (١) المُرتَمى

فهْي تستنشقُ هبّاتِ الصَّبا ... كلّما وافَتْ بنَجْدٍ عَلَما

أنِّسُوها بالتذاذٍ إنّها ... نَعَمٌ تَفْهَمُ تلك النَّغَما

طاوِياتٌ لم يَدَعْ منها ... السُّرى ودَخيلُ الشوقِ إلّا الأعظُما [٨٩ و]

تقصِدُ الحُوَّمُ من أعيُنِها ... نُطَفًا ليستْ تُرَوِّي مِن ظَما

وَيمُدُّ السَّيرُ منْ أعناقِها ... خَيزُرانًا حين تُبْدي السَّأَما

حَمَلتْ أشباهَها فهْيَ بهمْ ... كقِسِيٍّ قد أقلَّتْ أسهُما

أوهَنَ الوَخْدُ قُواهُنّ فإنْ ... لاحَ نجدٌ خِلْتَ فيها لَمَما

مَدَّتِ الأعناقَ لمّا رَمَّلت ... بنَقا الرَّملِ وأكنافِ الحِمى

هادياتٍ بالهوادي كلّما ... ضلَّ حادٍ جاذبَتْهُ الخِطَما

جنِّبوها مورِدَ الماءِ فقد ... حَرَّمَتْهُ أو تَزُورَ الحَرَما

يا خَليليَّ رُوَيْدًا إنّها ... لَتُعاني الشّوقَ مِثلي فاعلَما

أنشِقاها نَفْحةً نَجْديّةً ... راحةُ المشتاقِ أن يَنتَسِما

وعِداها بعِداها ظَفَرًا ... وسُرورًا يومَ تأتي الموسِما

فبهِ تُمحَقُ آثارُ السُّرى ... وتبادُ البِيدُ حتى تُعدَما

إنّها قد حَمَلتْ شُعْثًا إذا ... ما بَكَوْا قلتَ: غمامٌ سَجَما

ومتى أنُّوا اشتياقًا وشَكَوْا ... صَدَعوا الصَّخرَ وشاقوا الأعصَما

شَرِبوا الدمعَ حَميمًا وارتوَوْا ... ولِذا عافُوا الزُّلالَ الشَّبِما


(١) في م ط: "وطول".

<<  <  ج: ص:  >  >>