للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لتعريفِ عددِ العابِد، فأعظَمْتُ موقعَها، ورفَعْتُ موضعَها، وعاينتُها مُهطِعةً لداعيها، متبرِّعةً بسعيدِ مَسَاعيها، فانعَمَرَتْ بجَمْعِها الشِّعاب، وأذعَنَتْ لعظَمتِها الصِّعاب، فعَبَّ عُبَابُها، وعَمَّ [٩٩ ظ] إيعابُها، وأوسَعَتْ رَبْعي إمراعًا، وأقطعَتْني العِدَّ إقطاعا، وَرَعَتْ لمعتمِدِها انقطاعًا، فقَنَعْتُ ببعضِ عطائها المُمتِع، وأعفاني عَفْوُها عن التَّعبِ المُتَعْتِع، وجعَلْتُ عُجَالتي بعَلَمِها مُعْلَمة، وبالاعترافِ بعارفتِها مُعْلِمة، ولتشعُّب المعاني، وتصعُّبِها على المُعَاني، أعلنتُ بالقناعة، واعترَفْتُ عندَهنَّ بضعفِ البِضاعة، فعَذَلْنَ وعَذَرْن، وأعنَّ وأطَعْن، وتبِعْنَ واندفَعْن، وعَلِمْنَ المانعَ عن جميعِهنّ، فرَجَعْنَ بعد اصطناعِ معروفٍ أعرِفُه لصنيعهِنّ؛ فافعَلْ يا عقيدَ العوارف، وعميدَ المعارِف، فعلَهُنّ، عندَ اعتذاري بالعَجْز، وتواضَعْ لمُعظِّمِكَ تواضُعَ الأعزّ، فألمعيَّتُكَ تدعوكَ للإسعاف، ومَعْلاتُكَ تَعطِفُكَ على الضِّعاف، فعلّامةُ عُمان، وشاعرُ النُّعمان، والساعديُّ وأسجاعُه، والعِبَاديُّ (١) وإمتاعُه، والأصمعيُّ وسَماعُه، يعجِزونَ عن تنويع بديعِك وبديع تنويعِك، فعُذرًا لمنتجعٍ تضيَّعَ عُشْبُه، ومتَّبَعٍ تصدَّع شِعبُه، أطلَعَها عليك مُتلفِّعةً للعِيِّ عَباية، ومُستطلِعةً عندَك عناية، يدعو عهدَكَ ليجمَعَ شَعاعَه، ويُطلِعَ عليك شُعاعَه، وليَنعُمَ برُقعةٍ كالرَّقيع، وبديعةٍ كالضّريع، اعْتَزَتِ المَعْلواتُ لعادتِك، وهمَعَتْ عينُ سَعادتِك، وأعزَّك العزيزُ بطاعتِه، وعَصَمَ العلمَ بعِصمتِك عن إضاعتِه، بعزّتِه العظيمة، ونِعمتِه العميمة، وتعتمدُك عاطرةً تتضوَّعُ عَنْبرًا وعبيرًا، وتُعبِّرُ عن تعطُّشي لمَشارِعِك تعبيرًا.

فشاعَتْ هذه الرِّسالةُ بالأندَلُس، وتُنوقِلت شَرْقًا وغَرْبًا، وتُحدِّثَ بعَجْزِ أبي عبد الله بن عابِد عن مُراجعةِ أبي عبد الله ابن الجَنّان، فراجَعَهُ شيخُنا


(١) علّامة عمان: الإشارة غير واضحة وربما عنى ابن دريد لأنه نشأ بعمان ولا نراه العماني الراجز فإنه ليس من عُمان وإن نسب إليها، وشاعر النعمان هو النابغة؛ أما الساعدي فالنسبة فيه إلى بني ساعدة من الخزرج ولعله هنا يعني قس بن ساعدة واضطره لزوم العين إلى ذلك، وإلا فإن قس بن ساعدة إيادي النسب، وأما العبادي فقد يشير إلى عدي بن زيد العبادي الشاعر.

<<  <  ج: ص:  >  >>