إذا أمَرْناهُ بصيدِ طائرٍ ... كأنّما قُلنا لهُ: اضرِبْ غُصُنا
فلو دَرَيْنا أنهُ خالَفَنا ... قُلنا له: اضرِبْ غُصُنًا لعلّنا
أطهَرُ مِن بُرْدِ التَّقِيِّ سَهْمُهُ ... ما مُسَّ فيه الدّمُ إلّا بالمُنَى
لو أنّ ذاك السَّهمَ عندَ قِبلتي ... إذًا لَصَلَّيتُ إليه مُوقِنا
تُظِلُّه الطّيرُ ولا تَرهَبُه ... فهْيَ له ظلٌّ وليست بجَنَى
قد علِمتْ عِلمًا بأنّ نَصْلَهُ ... عن دَمِها أعفُّ نصلٍ مُقتنَى
تَشْدو إذا ما أرسَلَ السَّهمَ لها ... كأنّما أهدَى إليها فَنَنا
كأنّما السَّهمُ يُراعي عهدَها ... أيامَ غنَّت في ذُراه مُيَّنا (١)
يَذكُرُ تحت شَدْوِها مَراحَهُ ... ورقصهُ لهوًا بها ودَدَنا
فكلّما أنبَضَ صافٍ سَهْمُه ... كأنّما يُحْسِنُ ألّا يُحْسِنا
تخَّيَلَ الوادي هناك حَرَمًا ... لذاك ما خلَّى الحَمامَ أُمَّنا
وربّما وافَى الخليجَ وارِدًا ... فأقصَدَ الحوتَ وما تيقَّنا [١١٧ و]
ورَمْيةٍ عن غيرِ قصدٍ قَرْطَسَتْ ... فهْيَ لِرامٍ لا يُعَدُّ مُحسِنا
يا وَيْحَها منهُ إذا تَدَرَّعَتْ ... بالماءِ شقَّ السّهمُ ذاك الجَوْشَنا
يا صاحبيْ والنُّصحُ من شَرْطِ التُّقى ... دعَ السِّهامَ وتوَقَّ الأيمُنا
وسَلْ غزالَ السِّربِ ما لطَرْفِهِ ... يَجرَحُ جِسمًا في حشاهُ سَكَنا
الجارُ لا يُضيعُ حقَّ جارِهِ ... وقد سكَنْتَ القلبَ فارعَ البَدَنا
دَلّ المَشُوق بغرورٍ لينُهُ ... فيا له صَبًّا تدَلّى فدَنا
تَيَّمَني مَنْ طرْفُهُ مُستضعَفٌ ... تَراه كالمؤمنِ لَيْنا هيِّنا
(١) كذا ولعلها: مجنا أو مسنا، من مجن أو مسن، وهما بمعنًى.