وتحتَ ذاك اللِّينِ منك شدّةٌ ... تُشبهُ جِدَّ الموتِ في لعبِ القَنا
يا غُصُنًا أثمرَهُ قلبي الشَّجِي ... لو أنهُ بين ذراعيَّ انثَنَى
غادَرَني غِبَّ النَّوى مُقْتَسمًا ... أبكي المغَاني وأزورُ الدِّمَنا
وصاحبُ الحبِّ معنًّى أبدًا ... يُسْلَفُ أفكارًا فيقضي شَجَنا
فأجابَه أبو الحَسَن بنُ الفَضْل [الرجز]:
حرَّكْتَ بالشَّجوَى جَوًى قد سَكَنا ... فعلِّلِ النفْسَ بما تمكَّنا
واستصحبِ الدهرَ على عِلَّاتِهِ ... وليس إلّا أن تُرَى مغتَبِنا
الدهرُ ما تعلَمُ ذو تصرُّفٍ ... وأسأَلْ به منهُ فصيحًا ألكَنا
لم يكترِثْ في حالتَيْه مَنْ غدا ... بكلِّ ما يَجري القضاءُ مُؤمنا
فاستَلزِمِ الحَزْمَ إذا خَطْبٌ بِها ... واستَشعِرِ الخطبَ إذا أمرٌ عَنَا (١)
وإن ندَبْتَ بالوفاءِ صاحبًا ... فإنهُ ما آبَ منذُ ظَعَنا
لا تَنخدعْ في الناسِ واخبَرْ مِنهمُ ... مَنْ شِئْتَهُ تجِدْهُ داءً زَمِنا
وهم بنو الدُّنيا فمَن يَصرفُهُمْ ... أن يُضمِروا تحتَ هُدونٍ دَخَنا
أخَذتُ نَفْسي بانقباضي عنهمُ ... فصار لي لمّا أطَلْتُ دَيْدَنا
سِيّانِ عندي والهوى مختلِفٌ ... قَصدْتُ خَلقًا أو عَبَدْتُ وَثَنا
وقد تَساوى في طِباعي أنّني ... لبِستُ ذُلًّا ولبِستُ كفَنا
أفضَلُ ما حازَ الفتى قناعةٌ ... وعِفّةٌ تَثنيهِ عن سُبْلِ الخَنا
انظُرْ إلى أجداثِهمْ معتبِرًا ... هل ثَمَّ فرقٌ بينَ فقرٍ وغِنى؟
[١١٧ ظ] وليسَ للإنسانِ إلّا ما سعَى ... وإنّ خيرَ السَّعي تخليدُ الثَّنا
(١) كذا ورد، ولعل الصواب: إذا خطب بغى (أو عتا)، واستشعر الصبر.