للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَنْ شاء أن يَذكُرَ أفعالَ العُلا ... في دهرِهِ كان لها مُؤَبِّنا

لولا ابنُ إدريسٍ وفَضْلُ خُلْقِهِ ... لَما بَدَا منْ مِدَحي ما بَطَنا

شقيقُ نَفْسي تُرْبَةً وغُربةً ... وأدَبًا وَمَذْهَبًا وَسَنَنا

تَلوَّنَ الدهرُ على عاداتِهِ ... وهْو كما أدريهِ ما تَلوَّنا

علِقتُ منهُ بالمعالي كلِّها ... فَخْرًا لنفْسِ ابنِ عليٍّ مقتنَى

فاضرِبْ به تجِدْه عَضْبًا ناصِلًا ... واستسْقِهِ تجدْهُ غَيْثًا هَتِنا

مهذَّبُ الفكرةِ مصقولُ النُّهى ... مُستعذَبُ الخِبرةِ معسولُ الجَنَى

تُستوقِفُ الأفلاكُ إعجابًا به ... ويَستدِرُّ في المُحولِ المُزُنا

أشهرُ من نُورِ الصّباح المُجتلَى ... أنضَرُ من نَوْرِ الأقاحِ المُجتنَى

كمالُهُ من أولِ المعقولِ لم ... تطلُبْ عليه فكرَه تبرْهُنا

قد بعَثَ الآدابَ من مَرقَدِها ... شُعْثًا فقامتْ تسطيلُ الوَسَنا

وشافَ مَرآها فلاحَ آخِرًا ... كما تبدَّتْ أوّلًا أو أحسَنا

لم يُذْكِ نورَ الرُّوح في أجسادِها ... إلّا بذِهنٍ قد أنار الفِطَنا

إيهٍ أبا بحرٍ وعندي مِقْوَلٌ ... يُحسِنُ أن يَشكُرَ تلك المِنَنا

أحسَنْتَ بي فهاكَ حبِّي صادقًا ... والمرءُ محبوبٌ إذا ما أحسَنا

مثلُكَ من أبصَرَ (١) حالَ خِلِّه ... فأبطَنَ الشَّكوى بها وأعلَنا

أعظمتَ أنْ راعَ الزمانُ أدبي ... وهل تَرى ذا أدبٍ مُؤَمِّنا (٢)

وفيكَ لم يَقْبَلْ فروضَ حقِّها ... أفِيَّ ترجو أن يُقيمَ السَّنَنا (٣)


(١) في ح: "أبصار" وفوقها علامة خطأ.
(٢) هذا البيت والذي يليه في اختصار القدح: ١١٠ ورواية الأول: "أنكرت ... وهل رأيت ذا نهى".
(٣) اختصار القدح: "لم تقض الفروض ... تقيم".

<<  <  ج: ص:  >  >>