ألستَ مَن سيَّرَها غَرائبًا ... تُتوِّجُ الشامَ وتكسو اليَمَنا
أصْغَتْ لها بَغْدانُ حتّى استَصغَرَتْ ... حبيبَها وَمُسْلمًا والحَسَنا
ما لي أرى شمسَ الضُّحى لم تلتمسْ ... كفَّك كي تلثُمَها تَيَمُّنَا؟!
أين التي أنتَ لها مستوجِبٌ ... لو أنصفَ الدهرُ الذي تَخَوَّنا؟
فعَدِّ عنه مُضِربًا ومِلْ بنا ... إلى حديثٍ لا يُمِلُّ الألسُنا
وعاطِني كأسَ المُجون إنّها ... تُثيرُ عِشْقًا في الفؤادِ كَمُنا
[١١٨ و] أتذكُرُ العهدَ الذي مَرَّ لنا ... بذي النَّقا حيثُ ظِباءُ المُنحنَى
أيامَ ظَلَّ الدهرُ عنّا غافلًا ... حتى جنَيْنا العَيشَ غَضًّا ليِّنًا؟
ولا كيومٍ شرِبَتْ أرواحُنا ... راحَ الهوى فيه بكاساتِ المُنى
في فتيةٍ بل فتنةٍ تنظَّموا ... سِمْطًا أأبصرتَ النجومَ مَوْهنا
مِنْ كلِّ صافي الذهنِ وَقَّادِ الحِجَى ... كأنَّه من ذهنِهِ تكوَّنا
لم تجتمعْ إلّا لهُ أفعالُه ... فمِلْ إليه تُلْفِ حُسْنًا مُحسَنا
كنتُ أذمُّ زَمَني مِنْ قبلِهمْ ... فيومَ صَافَوْني حمِدتُ الزَّمنا
سرْنا على اسم الله فوقَ نَهَرٍ ... تفنَّنَ الحُسْن به تَفَنُّنا
إذا استقامَ خِلتَهُ وذيلةً ... تَرْجِعُ نِصْفَ دُمْلُج إذا انثَنى
وربّما تَصوغُهُ ريحُ الصَّبا ... سَلاسلًا تقتادُ فيها الفِتَنا
كما سألتَ الوَصْلَ غِرًّا فاكتسَى ... جبينُهُ من أُنُفٍ تغَضُّنا
حتّى إذا ما مُوِّجتْ متونُهُ ... أبصَرْتَ في بطنِ فتاةٍ عُكَنا
مِلْنا على شطَّيهما كعاشقٍ ... يجني الوِصالَ من هنا ومِن هنا
وتحتَنا حاملةٌ محمولةٌ ... تحمِلُها دَأبًا لكي تحمِلَنا