أعَدَّها للأُنسِ مَن أنشَأَها ... لذاك ما أحكَمَها وأتقنا
وزانَها لمّا كسَا أعطافَها ... لونَ الشبابِ فأثارَ الدّدَنا
كأنّما دُهْمَتُها بَنَفْسِجٌ ... صافحَ مِنْ متنِ الغديرِ سَوْسنا
جَرَتْ على الماءِ وخَفَّ وَطْؤُها ... أليس تَدري جَرْيَها مُستيقِنا؟
ولو تشاءُ في الهواءِ مَسْبَحًا ... مِنْ خفَّةٍ في جسمِها لأمكَنا
كأنّها غُزَيِّلٌ أفزَعَهُ ... محُتمِلٌ فاشتدَّ يَبغي مأْمَنا
كم ملعَبٍ بين الحِمى وملعَبٍ ... جُزْنا بها كالبرقِ أو جازَتْ بنا
سقَى ثَراها القَطْرُ من معاهدٍ ... متّصلاتٍ كأنابيبِ القَنا
ما لاحَ منها منزلٌ إلّا ولم ... تقترحِ النفْسُ سواه مَوطِنا
حتّى وصَلْنا جَنَّةَ الجَسْرِ التي ... تَحوي الجمالَ أظهُرًا وأبطُنا
فالحمدُ لله الذي أذهَبَ عن ... نفوسِنا في شنتبوسَ الحَزَنا
[١١٨ ظ] ما فاتَنا لمّا بدا جَمالُها ... كلُّ جمالٍ قبلَها قد فَتَنا
وما جَهِلنا غيرَها لكنّنا ... جئنا عليًّا فنَسِينا الحَسَنا
نِعمَ المغاني لم يَضِفْها ناظرٌ ... إلّا قَرَتْه الحُسنَ نُورًا بيِّنا
كم مجلسٍ تظُنُّه ومجلسٍ ... يخدُمُه إيوانُ كسرى مُذعِنا
من رَفَعَ الصوتَ به مُلعثَمًا ... ردَّ عليه صوتُه مبيِّنا
راقَ فلاحَ وَجْنةً وافتتَحَتْ ... طاقاتُه فيه فكانت أعيُنا
هي القُصورُ البِيضُ لا ما حَدَّثوا ... عن إرمٍ وغيِرها من البِنا
تختطفُ الأبصارَ من لأْلائها ... واللّيلُ قد أرخَى القِناعَ الأدكنا
كأنّما النَّهرُ الخِضَمُّ تحتَها ... مجرَّةُ الأُفقِ امتدادًا وسَنا