وهْيَ عليه كالنجومِ سَحَرًا ... بينَ جُموعٍ وفُرادى وَثَنا
لا نَشَرتْ كتابَ حُسنٍ روضةٌ ... إلّا بهاتيكَ البُنا مُعَنْوَنا
ولا أبادَ الدهرُ منها مصنَعًا ... حتى تُرى وهْي تُبيدُ الأزمُنا
فكمْ لنا ما بينَها من مَسْمَعٍ ... ومنظرٍ ومَعْشَقٍ، وكمْ لنا
إن أبصَرَتْ شمسُ الضُّحى مُجونَنا ... تنقَّبتْ بالغَيْم كي لا تُفْتَنا
أو سَمِعتْ وُرقُ الحَمام شدْوَنا ... مِلْنَ إلينا وتركْنَ الأغصُنا
فمِن جمالٍ يستفِزُّ ناظرًا ... ومن حديثٍ يستميلُ أذُنا
وشادنٍ في مُقلتَيْهِ مَرَضٌ ... أَعدى الجسومَ فبَدا فيها ضَنَى
يُسيءُ ما شاءَ ولكنَّ الهوى ... يُبْصِرُ سوءَ الفعلِ منه حَسَنا
ونافرٌ يقتُلُنا إذا نأَى ... مستأنِسٌ يَنشرُنا إذا دَنا
مَنْ غَرَسَ النظرةَ في وجنتِهِ ... فقد جنَى العشقَ ونِعمَ ما جنَى
وغيرُ بِدعٍ فتنةٌ بِحَسَنٍ ... مَنْ أَبدعَ الحُسنَ قضَى أن يَفْتِنا
وصاحبٍ حُلوِ المُزاحِ مُمتعٍ ... يُصْفي السرورَ ويقُدُّ الشَّجَنا
خادَعَنا لمّا مشَى ما بينَنا ... محتجِنًا لقوسِه مُضْطبِنا
يحكي لنا ما شاءَهُ تظرُّفًا ... ويَزدهي برَمْيِهِ تمجُّنا
ويدَّعي التصميمَ في أغراضِهِ ... ولو رمَى بَغْدانَ أصمَى عَدَنا
[١١٩ و] حتّى تدَلَّى طائرٌ من أيكةٍ ... لم يبقَ إلّا أن يقولَ: ها أنا
قُلنا لهُ: قد أكثَبَ الصَّيدُ فقُمْ ... فأَرِنا من بعضِ ما حدثتَنا
فقامَ كسلانَ يمُطُّ حاجِبًا ... ويتمطَّى بينَ أينٍ ووَنَى
وبينَما أوترَها وبينَما ... كانت تشَظَّى في يديهِ إحَنا
وعندَما رمَى حَمامَ فَنَنٍ ... أخطأهُ وما أصابَ الفَنَنا