للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأبي محمد عبد الحقّ بن عبد الرّحمن الأزدي؛ وذلك أنّ أبا الحَسَن ابنَ القَطّان ألّف كتابًا على كتاب "الأحكام" المذكورة سمّاه "الوَهْمَ والإيهام"، ثم إنّ الفقيهَ المحدّث أبا عبد الله محمدَ بن أبي يحيى المَوّاق أكمَلَ ما أغفَلَه أبو الحَسَن المذكور، ثم إنّ الشّيخَ أبا عبد الله ابن عبد الملك تمَّم ما أغفلاه" (١).

كما أنّ العَبْدَريَّ -وهو من أقران ابن عبد الملك وأصحابِه- اطّلع على هذا الكتاب وتحدث عنه. قال في رحلته واصفًا لقاءه لابن دقيقِ العيد بمصر: "وفي أول ما رأيتُه قال لي: كان عندَكم بمَرّاكُش رجل فاضل، فقلت له: من هو؟ فقال: هو أبو الحَسَن ابنُ القَطّان، وذكَرَ كتابَه "الوَهْم والإيهام" وأثنى عليه، فذكرتُ له ردَّ ابن المَوّاق عليه وأنه تركه في مسَوّدتِه فعانى إخراجَه صاحبُنا الفقيه الأديبُ الأوحد أبو عبد الله ابن عبد الملك حفظه الله، فقال لي: مَن هذا الرجل؟ فعرَّفتُه به وبما حضَرَني من تحليتِه وما أذكُر من تقاييدِه، فعَجِب من ذلك وكتَبَ ما أملَيْتُه عليه" (٢). وعبارةُ العَبْدَريّ تُشعرُ أنّ ابنَ عبد الملك لم يزدْ على أنه أخرَج كتابَه من مسَوّدتِه، ولكنّ كلامَ ابن الزُّبير صريحٌ في أنه جمَعَ بين كتابَي ابن القَطّان وابن المَوّاق "معَ زياداتٍ نبيلة من قِبَلِه"، وكذلك كلامُ أبي الحَسَن المطماطيِّ الذي يؤكّد أنّ ابنَ عبد الملك تمَّم ما أغفَلَه ابنُ القَطّان وابنُ المَوّاق، أمّا ابنُ عبد الملك فيُخبرنا أنّ عملَه يتألّفُ من أربعة أشياءَ هي: الجَمْعُ والترتيب والإضافةُ والتكميل، أي أنه عمل منهجيّ موسوعيّ كعمله في "الذّيل والتكملة".

ولو وصل إلينا الكتابُ لكان دليلًا على باع ابن عبد الملك الكبير في الحديث وعلو كعبِه وسعَة اطّلاعه، ولكان بُرهانًا آخرَ على قدرته الخارقة على التنظيم والترتيب.


(١) مذكرات ابن الحاج ١١٨.
(٢) رحلة العبدري: ١٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>