هكذا سمَّى ابنُ عبد الملك كتابَه هذا في ترجمة محمد بن شَدّاد، وذلك في أعقاب مسألةٍ عَروضيّة، قال:"وقد أشبَعتُ القولَ في هذا وبيّنت عملَ العرب في موضعِه من كتابي: الجامع في العروض"(١). وإذا كان هذا الكتابُ يُعَدُّ من كُتُبه المفقودة فإنّ "الذّيل والتكملة" يشتملُ على مباحثَ عَروضيّة تدُلُّ على معرفته واهتمامه بالعَروض كما أشَرْنا إلى ذلك فيما سبَق، ونقتبسُ هنا -بمناسبة ذكْرِ كتابه الضائع في العروض- فقراتٍ في مسائلَ عَروضية ورَدَت في "الذّيل والتكملة"، قال معقِّبًا على هذا البيت من قطعةٍ لأبي محمد طلحة:
كسَتْ شمسُ دينِ المصطفى كلَّ ما بها ... فللنورِ في الأوراق رَوْقٌ عجيبُ:
"وما ينبغي التنبيهُ عليه أنّ الأستاذَ أبا محمد طلحةَ نبَّه فيما وقَفْت عليه بخطِّه على قوله: "رَوْقٌ" بما نصُّه: مزحوفٌ جائز. وليس ما قاله بصحيح عند حُذّاق العَروضيِّينَ حسبما تقَرَّر من اصطلاحهم، بل هو سالمٌ غيرُ مزحوف؛ لأنه فعولن على أصله، وبيانُ ذلك أنّ هذه القطعةَ من الضَّرب الثالث من الطويل وهو المحذوف، كان أصلُه: مفاعيلن، فحُذف، والحذفُ: إسقاطُ متحرِّك وساكن من آخِر الجزء، وهو المسَمَّى عند العَروضيِّين سببًا خَفيفًا، فصار الجُزءُ بعد الحَذْف: مفاعي، فنُقل إلى مثل وزنه وهو: فعولن، وكثُر في فعولن الذي قبلَه الزِّحاف المسَمَّى عندَهم بالقَبْض، وهو: حذفُ الساكن الخامس من الجزء، وكان أصلُه: فعولن، فانتقل -بالقَبْض- إلى: فعول، واستُعذِب في الذّوق حتى صار مُزاحَفُه أعذبَ من سالمِه وذلك ليستتبَّ لهم ما اعتمدوه من بناءِ دائرة الطويل على اختلاف أجزائها، فتبيَّن بما قلناه أنّ الجزءَ الذي نبَّه أبو محمدٍ على أنه مزحوفٌ هو السالم، ومثلُه ما أنشَد الخليل:
أقيموا بني النُّعمانِ عنّا رؤوسَكمْ ... وإلا تُقيموا صاغرينَ الرؤوسا