للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال المصنِّف عَفَا اللهُ عنه: هَمزُ "استَغْنَأَ" في بيتٍ وإن لم يَمُدَّ خطأٌ لا عُذرَ عنه؛ ثُم إنّ هذه مآخذُ يُنزَّهُ عن الخوضِ فيها أهلُ العلم والوَرَع، ولا أدري ما حَمَلَ هؤلاءِ الأفاضلَ على تأويلِ ذلك على الحُصريِّ حتى جرَّأَهم على الإفحاش تعريضًا كتصريح، وتمريضًا في مَساقِ تصحيح، إلّا قوله: "ومن بعضِكم تَبْدو"، وليس فيه ما تأوَّلوهُ عليه إلّا [١٦٧ و] عند نَظَرِه بعينِ السُّخط.

وأعدَلُ من ذلك في الحُكم وأجرى على ما يُناسبُ أهلَ الدِّين ويَليقُ بأُولي العلم ابتداءً وجوابًا ما كتَبَ به بعضُهم إلى المُقرئِ أبي الحَسَن شُرَيْح: "أيا راكبًا": أبو جعفرٍ أحمدُ بن عُبَيد الله بن هُرَيْرةَ القَيْسيُّ التُّطِيليُّ الأعمى (١)، وأبو بكرٍ محمدُ بن حَزْم المَذْحِجيّ، فأجاباه نَظْمًا باقتراح الخطيبِ المقرئ أبي الحَسَن شُرَيْح رحمَهم اللهُ أجمعين. أمّا جوابُ أبي جعفرٍ: فقولُه [المتقارب]:

أتاني رسولُكَ يَقْفو الصوابَ ... فإمّا يعُمُّ وإمّا يَخُصّ

بعَثْتَ إليَّ بهِ خاتَمًا ... فركَّبْتُ فيه من العلم فُصّ

تُسائلُ عن مدِّ سَوْءاتِكمْ ... وقد جاء في قَصْرِهِ أصْلُ نَصّ

ولكنَّ وَرْشًا رعَى أصلَها ... فلم يتَحيَّفْ ولم ينتقِصْ

وصَحَّ له فتحُها عن هُذَيْلٍ ... فلم يَستعِرْ بجناحٍ أحصّ

وأمّا جوابُ أبي بكر بن حَزْم فقولُه [المتقارب]:

أيا مُوجِبًا في طِلابِ العلا ... ليُوضحَ من سُبْلها ما انغمَصْ

ويا سائلًا عن دقيقِ العلوم ... إليكَ فقد أمكنَتْك الفُرَصْ

بسَوْء اتِكمْ لم يُرَ القصرُ فيها ... على أصلِ وَرْشٍ لأمرٍ يُنَصّ


(١) التطيلي الأعمى الشاعر الوشاح المشهور في عصر المرابطين (ت ٥٢٥ هـ) وقد نشر الدكتور إحسان عباس ديوانه (ط. دار الثقافة، بيروت ١٩٦٣ م) وليست المقطوعة التي وردت هنا مذكورة في ديوانه.

<<  <  ج: ص:  >  >>