للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنْ كان ساكنُها عارضًا ... وبالفَتْح من حقِّهِ أن يُخَصّ

أتاك الجوابُ فقُمْ فاقتنِصْهُ ... فقيمةُ كلِّ امرئ ما اقتَنَصْ

* * *

أيا راكبًا قاصدًا أرضَ حِمص ... لسَرْدِ النظوم ودَرْسِ القَصَصْ (١)

فإمّا بَلَغْتَ فسائلْ شُرَيْحًا ... فذاكَ الذي في العلاما نَكَصْ

بحرفٍ يُمَدُّ على غيرِ أصلٍ ... وقد جاء في قَصْرِه أصلُ نصّ

وما حُرِّكتْ قبلَهُ أحرُفٌ ... ولا جاء بَدْءًا وبالمدِّ خُصّ

ولا قبلَه حرفُ مدٍّ يُرى ... فصَيْدُك للعِلم أعلى قَنَصْ

فأجابه شُرَيْحٌ وأبدى علةَ ذلك وحَضَرَ مجلسَه الأديبان.

ومن منظوماتِ أبي محمدٍ: قولُه في ترتيبِ حروفِ "الأفعال" لأبي بكرٍ ابن القُوطيّة [البسيط]:

لسَيْرِ هَجْرِ عميدٍ غُمْضُهُ خُلَسٌ ... حَوى جَوًى قلبُهُ كتمانُهُ سَرَفُ [١٦٧ ظ]

شَج مُديرُ ضَرِيكٍ للنَّوى رَمِضٌ ... نَشْوانُ طَبُّ ظباءٍ ذاهلٌ دَنِفُ

بِعادُهُ تَرَحٌ ثَواؤهُ زَلَهٌ ... فؤادهُ مُستهامٌ وامقٌ يَجِفُ

إلى غيرِ ذلك مما برَّزَ فيه وأعرَبَ عن إجادتِه.

وُلدَ بشاطبةَ في ذي الحِجّة من سنة ثمانٍ وثلاثينَ وخمس مئة، وتوفِّي بالقاهرة بعدَ صلاةِ العصرِ من يوم الأحَد لليلتَيْنِ بقِيَتا من جُمادى الآخِرة سنة تسعينَ وخمس مئة، ودُفنَ من الغَدِ بمقبُرة البَيْساني، وتُعرَفُ تلك الناحيةُ بسارِيةَ، وهي بسَفْح المُقَطَّم -جبَلٍ متّصلٍ بمِصرَ له في حِفظِ أجسادِ الموتَى خاصّةٌ عجيبة- وصَلّى عليه أبو إسحاقَ المعروفُ بالعِراقيّ إمامُ جامع مِصرَ حينئذٍ، وكانت


(١) هذه هي الأبيات التي بعث بها صاحب السؤال إلى شريح.

<<  <  ج: ص:  >  >>