للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مقامه وسَفَره، فحينما زار الجزيرةَ الخَضْراء بالأندلس اهتمّ قبلَ كلِّ شيء بما يوجَدُ فيها من مكتباتٍ خاصّة ومنها مكتبةُ آل عظِيمةَ التي حدّثَنا عنها فقال: "وقد وقفتُ بالجزيرة الخَضْراء عند صاحبِنا الوَرع الفاضل أبي عَمْرو عَيّاش بن الطُّفيل هذا المترجَم به على جملة وافرة من كُتُب سَلَفِه ممّا تملّكوه أو كتَبوه أو ألّفه مؤلِّفوه" (١)، وظَلّ على هذا الحال حتى قُبيل وفاته، فقد ذكَرَ كتابًا في التاريخ لأبي عامر السالِميّ وقال: "وقفتُ عليه بخطّه وصار إليّ في سَفْرتي إلى تِلِمْسين بفاسَ في جمادى الأخرى سنة تسع وتسعينَ وست مئة".

وهو يقفُ على مخطوطاتٍ أصليّة قديمة بخطوطِ مؤلِّفيها؛ يقول في ترجمة عيسى ابن أبي عبدةَ القُرطُبي: "وكان أديبًا تأريخيُّا حافظًا متمكِّن الإشراف على أخبار الناس قديمًا وحديثًا، وهو الذي صنَّفَ لأبي الحَزْم جَهْور بن محمد بن جَهْور الكتابَ الفريد في المكارم والجُود، وقفتُ على نسخةٍ منه بخطّه النّبيل، وفرَغَ من نَسْخها يوم المِهرَجان الكائن في ربيع الأول سنة ثمان وسبعينَ وثلاث مئة" (٢)، ومعنى هذا أنه وقَفَ على نُسخةٍ أمٍّ لها أربعةُ قرون.

وقد يكونُ وقوفُه على مخطوط أو مخطوطات بقلم شخص في عَقْد ترجمة له لا نجدُها عندَ غيره، ومن ذلك: ترجمةُ أميرٍ أُمَويّ اسمُه محمد بن إبراهيمَ بن عبد الرّحمن بن إبراهيم بن هشام ابن الأمير عبد الرّحمن بن الحَكَم الرَّبَضي ابن هشام بن عبد الرّحمن بن معاويةَ بن هشام بن عبد الملك بن مروان، فقد وَصَفَه بجَوْدة الخطّ وقال: "وقد كتَبَ بخطّه الكثير وأتقَنَه وتعيَّش بالوِراقة دهرًا، وكان حيًّا سنة خمس وعشرينَ وأربع مئة، وقفتُ على نُسختَيْن بخطّه من "مصنّف ابن وكيع في سَرقاتِ المتنبّي" وعلى غيرها" (٣). فالمعلوماتُ القليلة التي أورَدَها


(١) الذيل والتكملة ٤/الترجمة ٢٩٥.
(٢) المصدر نفسه ٥/الترجمة ٨٩١.
(٣) المصدر نفسه ٦/الترجمة ٢٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>